قلبكِ... ما الذي تجهلينه عنه؟

نشر في 12-06-2017
آخر تحديث 12-06-2017 | 00:00
No Image Caption
أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء ليست شبيهة بما لدى الرجال. يمكنك أن تستفيدي من فهم الاختلافات بين الفئتين للاحتماء من آثار النوبات القلبية أو تخفيفها.
تشكّل أمراض القلب والأوعية الدموية أبرز سبب لوفاة النساء، لكن لم يهتمّ الرأي العام يوماً بصحة قلب النساء بقدر اهتمامه بصحة قلب الرجال.

ربما تتذكرين سقوط رجل عند تعرّضه لنوبة قلبية في أحد الأفلام، لكنك لن تتذكّري على الأرجح مشهداً مماثلاً تكون ضحيته امرأة! يعود سبب ذلك على الأرجح إلى أن المرأة تصبح معرّضة لأمراض القلب بعد عشر سنوات من العمر الذي يجعل الرجل معرّضاً للخطر، فهو يكون أكثر عرضة لأول نوبة قلبية في عمر الخامسة والستين بينما تصيب أول نوبة المرأة في الواحدة والسبعين تقريباً. كذلك، لا تصبح أمراض القلب سبباً رئيساً لوفاة النساء قبل الخامسة والثمانين.

لكن إذا كانت المرأة تصاب بداء القلب في مرحلة متأخرة من حياتها، فما الداعي للقلق بهذا الشأن منذ سن مبكرة؟

الدكتورة ساميا مورا، طبيبة قلب في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد، تقول في هذا السياق: «تنتشر مفاهيم خاطئة عن أمراض القلب والأوعية الدموية، من بينها ميل المرأة إلى توقّع موتها المفاجئ بسبب نوبة قلبية أو جلطة دماغية». لكن للحقيقة يتطوّر داء القلب فعلياً على مر عقود عدة. وتشير أدلة مستخلصة من تشريح نساء شابات مُتْنَ لأسباب أخرى إلى أن هذا الداء يبدأ أحياناً في عمر العشرينات أو الثلاثينات، وتكون المرأة معرّضة للإعاقة طوال سنوات بسببه أكثر من الموت المفاجئ.

يتطوّر نوعا أمراض القلب الإقفارية (الشريان التاجي والأوعية الدموية الدقيقة) حين تتضيّق الأوعية التي تغذّي عضل القلب أو تتصلّب، ما يمنعها من إيصال كمية كافية من الأوكسجين لتلبية حاجات القلب.

لماذا يختلف قلبكِ عن قلبه؟

في فبراير 2015، أصدرت «جمعية القلب الأميركية» تقريراً علمياً حول داء القلب لدى النساء بعد أشهر من بحوث وتحليلات أجرتها هيئة من الخبراء، فبرزت اختلافات كثيرة، بعضها بسيط وبعضها الآخر عميق:

• عوامل الخطر: تتقاسم المرأة مع الرجل أبرز عوامل الخطر التي تمهّد للإصابة بداء القلب الإقفاري (وصول كمية غير مناسبة من الأوكسجين إلى عضل القلب)، بما في ذلك ارتفاع معدّل الكولسترول وضغط الدم والتدخين وسوء الحمية الغذائية وقلة الحركة والوزن الزائد (لا سيما في وسط الجسم) والسكري والاكتئاب. لكن يكون التدخين والسكري أقوى عاملَين مؤثرين للإصابة بأمراض القلب لدى النساء من الأعمار كافة وتزداد قوة العوامل النفسية والاجتماعية، مثل الاكتئاب والقلق، بالنسبة إلى النساء الأكبر سناً. حتى «ارتفاع الكولسترول» يحمل معنىً مختلفاً لدى النساء، إذ يكون تراجع مستوى الكولسترول الجيد وارتفاع معدّل الشحوم الثلاثية أكثر تأثيراً من ارتفاع مستوى الكولسترول السيئ.

• نشوء الأمراض: تؤدي المعطيات البيولوجية دوراً في طريقة نشوء أمراض القلب لدى النساء. تتألف الصفائح في الشرايين بشكل أساسي من خلايا الدم البيضاء والكولسترول ودهون أخرى والكالسيوم والخلايا العضلية الناعمة والنسيج الضام الليفي. إذا تمزقت جدران الصفيحة، ستتشكل جلطة دموية وتعيق شرياناً تاجياً وتُصعّب وصول الدم الذي يحمل الأوكسجين إلى عضل القلب أو توقفه بالكامل. صحيح أن تمزق الصفائح مسؤول عن 75% من النوبات القلبية لدى الرجال، لكن تقتصر هذه النسبة على 55% لدى النساء. في المقابل، تبقى المرأة أكثر عرضة من الرجل لتآكل الصفائح، أي تفتّت قطع صغيرة من الصفيحة وإنتاج جلطات دم أصغر حجماً.

كذلك المرأة أكثر عرضة من الرجل لداء الأوعية الدموية الدقيقة، أي تضيّق الفروع المجهرية في الشرايين التاجية التي تغذي عضل القلب أو تصلّبها. حتى لو بقيت الشرايين التاجية الأساسية مفتوحة، قد يعيق هذا المرض وصول الأوكسجين إلى القلب، ما يسبّب خناقاً صدرياً أو أعراضاً أخرى.

• الأعراض: يصاب الرجال والنساء بالخناق الصدري، أي ألم الصدر الشديد الذي يشير تقليدياً إلى داء القلب. لكن تبقى المرأة أكثر عرضة من الرجل لأعراض أقل حدّة، من بينها الانزعاج العام أو الإجهاد أو ضيق التنفس خلال الأوقات العصيبة أو النشاطات اليومية العادية. كذلك تكون أكثر ميلاً لمواجهة أعراض النوبة القلبية الأقل شيوعاً، مثل التعب والغثيان والدوار وخفقان القلب واشتداد الألم في الفك أو الذراع أو الكتف أو الظهر أو المعدة.

• التشخيص: لتقييم أعراض القلب المحتملة، تبدأ المقاربة النموذجية بتخطيط القلب الكهربائي (في وقت الراحة وعلى جهاز المشي، اختبار الإجهاد)، وتشمل تصوير الأوعية التاجية واستعمال الأشعة السينية التي ترصد أي انسدادات في الشرايين التاجية. لكن يغفل تخطيط القلب الكهربائي أحياناً عن داء القلب لدى النساء، ولا يكشف تصوير الأوعية عن داء الأوعية الدموية الدقيقة. ولكن على مستوى رصد الأخير، تبدو الدراسات المرتبطة باحتياطي تدفق الدم عبر الشريان التاجي عند زيادة الطلب على الدم واعدة. يمكن إجراء هذه الدراسات بطريقة غير غازية عبر فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني.

• العلاج: تثبت دراسات عدة أن المرأة لا تتكيّف مع وضعها بقدر الرجل بعد التعرّض لنوبة قلبية، وتشير دراسات أخرى إلى أنها أقل ميلاً إلى الخضوع لإجراءات مثل القسطرة وجراحة تحويل مجرى الشرايين. لكن حين تتلقى المرأة العلاجات التي يأخذها الرجل، يمكن أن تبلي حسناً بقدره. ربما يسوء وضعها لأنها لا تتلقى العلاج بسرعة كافية. في إحدى الدراسات، انتظر الرجال نحو 15 ساعة لتلقي العلاج بعد ملاحظة الأعراض بينما انتظرت النساء 53 ساعة (أكثر من يومين). كذلك، تبقى المرأة التي تتعرّض لنوبة قلبية أقل ميلاً من الرجل إلى التسجّل في برامج إعادة تأهيل القلب أو متابعتها.

على صعيد آخر، تكون أدوية تخفيض الضغط والكولسترول فاعلة للرجال والنساء معاً ويستفيد البعض من منافع إضافية. قد تنجح مدرات البول من نوع الثيازيد مثلاً في تخفيض ضغط الدم وتقليص مخاطر كسور الورك.

الحلول

بغض النظر عن عمرك، يمكنك اتخاذ خطوات كثيرة للاحتماء من أمراض القلب وتخفيف آثارها:

• خفّفي عوامل الخطر: تقول الدكتورة مورا: «لا يجيد معظم النساء للأسف تحسين عوامل الخطر المرتبطة بأسلوب الحياة». بحسب رأيها، الحمية والرياضة فاعلتَان بقدر أدوية الستاتين لتقليص خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. إذا بدت هذه الفكرة مخيفة، حاولي أن تُحدِثي تغيّرات بسيطة في المرحلة الأولى: ابدئي بالمشي يومياً لفترة قصيرة، ثم أضيفي بضع دقائق تدريجاً إلى أن تبلغي 30 دقيقة في اليوم، أو تجوّلي لفترات متقطّعة ومتكررة على أن تبلغ المدة الإجمالية 30 دقيقة يومياً. كذلك استبدلي تدريجاً الخضراوات والفاكهة والحبوب الكاملة بالمأكولات المصنّعة. إذا أردت فقدان الوزن أو الإقلاع عن التدخين، ابحثي عن برامج جماعية (تميل المرأة إلى النجاح أكثر من الرجل عندما تجد دعماً من نساء في وضعها).

• التزمي بمواعيدك الطبية: من المعروف أن المرأة تبدي صحة أفراد عائلتها على صحتها الخاصة. لذا احرصي على الالتزام بمواعيدك الطبية، بما في ذلك جلسات إعادة تأهيل القلب، وطبّقي توصيات الطبيب لمعالجة ارتفاع ضغط الدم والكولسترول والسكري.

• لا تستخفّي بأعراضك: تنبّهي من أي أعراض تواجهينها، حتى لو كانت مبهمة. لا تنتظري إلى أن تزول أو تتفاقم ولا تحاولي تنظيف المنزل أو إنهاء مهامك كافة قبل أن تستشيري الطبيب. الوقت عامل جوهري!

• دافعي عن نفسك: جدي طبيباً مستعداً لسماع تفاصيل عن أعراضك وأخذها على محمل الجد. إذا استمرّت الأعراض رغم أنه أخبرك بأنك بخير، استشيري طبيباً آخر.

أعراض النوبات القلبية

حددت «جمعية القلب الأميركية» الأعراض التالية باعتبارها الأكثر شيوعاً بين النساء اللواتي يتعرّضن لنوبات قلبية:

• ألم الصدر: يتركّز الضغط أو الثقل أو الألم المزعج في وسط الصدر ويدوم أحياناً أكثر من بضع دقائق أو يزول ويتجدّد لاحقاً.

• ألم متفشٍّ: يقع الألم أو الانزعاج في ذراع واحدة أو في الذراعين معاً، أو على مستوى الظهر أو العنق أو الفك أو المعدة. ربما تشعرين بأن شخصاً يضغط على ذراعك أو خصرك.

• ضيق تنفّس: تعجزين عن التقاط أنفاسك وتشعرين بانزعاج في الصدر أو لا تشعرين بانزعاج مماثل.

• تعب: تشعرين بأنك تعجزين عن النهوض من السرير، حتى لو نمتِ جيداً خلال الليل.

• مؤشرات أخرى: تواجهين أعراضاً مختلفة مثل التعرّق البارد أو الغثيان أو الدوار.

كما يحصل مع الرجال، تشمل أبرز أعراض النوبات القلبية التي تصيب النساء الألم أو الانزعاج في الصدر. لكن تبقى المرأة أكثر ميلاً لمواجهة بعض الأعراض الشائعة الأخرى، لا سيما ضيق التنفس والغثيان والتقيؤ وألم الظهر أو الفك.

لا تترددي في الاتصال برقم الطوارئ فوراً إذا واجهتِ أياً من الأعراض الآنف ذكرها!

الدراسات تثبت أن المرأة لا تميل إلى إجراء القسطرة وجراحة تحويل مجرى الشرايين

المرأة تتقاسم مع الرجل أبرز عوامل الخطر التي تمهّد للإصابة بداء القلب الإقفاري
back to top