العناد لن يجدي نفعاً

نشر في 25-05-2017
آخر تحديث 25-05-2017 | 00:13
لا أحد يستطيع إلغاء الآخر، ويجب أن نعي أن التعايش عبر الحوار والتفاهم هو السبيل الوحيد للأمن والسلام، أما الانجرار وراء معارك الآخرين الذين يبعدون آلاف الأميال عنا ولا تهمهم سوى أموالنا فلن يجدي نفعا، وعلينا مواجهة حقيقة الإرهاب بدلا من إلقاء اللوم دوما على الآخرين.
 حسن مصطفى الموسوي يبدو أن الإقليم مقبل على تصعيد وتوتر متزايدين، وكأن ما يجري حاليا من دمار ومجازر ليس بكاف، فبدلا من إطفاء النيران المشتعلة حولنا قبل أن تصل إلينا يوما نجد أن هناك من يريد سكب الزيت على النار، والسبب الرئيس لذلك هو العناد والتهرب من مواجهة الواقع.

فالعناد كان وراء سياسة إغراق سوق الطاقة بالنفط دون مواجهة الواقع الجديد بالسوق والاعتراف بوجود لاعبين أقوياء جدد وهم منتجو النفط الصخري، فكانت النتيجة إيرادات ضائعة بمئات المليارات، وسعر برميل لا يستطيع اليوم الوصول حتى عتبة الستين دولارا، ورضوخ الدول نفسها التي أيدت سياسة إغراق السوق لخيار تقليص الإنتاج الذي عارضته منذ البداية.

ويبدو أن هذا العناد نفسه هو الذي يسكب الزيت على النار المشتعلة بدلا من إطفائها، فبدلا من فتح حوار شامل مع جميع الأطراف المشاركة في الصراعات التي أنهكت حياة ملايين الناس، نجد التهليل والتعظيم لسياسة الرئيس الأميركي ومحاولته بث المزيد من الفرقة والخلاف بين دول المنطقة، حتى يظل الإقليم بؤرة توتر تستنزف ثروات دولها عبر صفقات السلاح وما تخلفها من دمار للبشر والحجر.

لا أحد يستطيع إلغاء الآخر، ويجب أن نعي أن التعايش عبر الحوار والتفاهم هو السبيل الوحيد للأمن والسلام، أما الانجرار وراء معارك الآخرين الذين يبعدون آلاف الأميال عنا ولا تهمهم سوى أموالنا فلن يجدي نفعا، وعلينا مواجهة حقيقة الإرهاب بدلا من إلقاء اللوم دوما على الآخرين، فخطاب الكراهية والتكفير نقرؤه في مناهج دولنا ونشاهده في الفضائيات التي تبث منها ونسمعه على منابر مساجدنا، والمنابع التي تنهل منها الحركات الإرهابية معروف- مثل داعش- فكرها.

وبدلا من استمرار تكديس الأسلحة وإنفاق الثروات عليها، أليس من الأجدى استثمار تلك الأموال لخلق فرص عمل جديدة في المنطقة العربية لانتشال الملايين من الفقر المدقع الذي ينتج– بعد اندماجه مع الفكر التكفيري- الإرهاب المتوحش الذي نهجوه ليلا ونهارا؟

لقد حان وقت مواجهة الواقع ومحاولة إصلاح النفس بدلا من إلقاء عيوبنا على الآخرين، ولقد حان وقت التغيير في طريقة إدارة دولنا نحو مزيد من خلق مؤسسات حقيقية راسخة تضمن ديمومة الدول وقيامها على أسس راسخة، وذلك عبر مشاركة شعبية في صنع القرار وخلق اقتصاد حقيقي بعيدا عن ثقافة الريع التي دمرت مجتمعاتنا.

أما الاستمرار في الطريقة العشائرية في الإدارة فأخشى أن عواقبها ستكون وخيمة علينا جميعا في المستقبل القريب، خصوصاً إن اخترنا استمرار التصعيد في المعارك الدائرة في الإقليم دون التوصل إلى حلول شاملة تضمن الأمن والاستقرار للجميع.

back to top