الأزمة الرياضية بين مكافحة الفساد ومكافأته

نشر في 14-01-2017
آخر تحديث 14-01-2017 | 00:04
 حمد الدرباس تساؤلات عديدة تطرحها أزمة الإيقاف الرياضي، أولها من ناحية مدى نزاهة المؤسسات الرياضية الدولية ومدى إمكانية تأثرها بوسائل غير شرعية كاستخدام المال الفاسد, ففضائح الفساد مسّت رؤوساً كبيرة، وأهمها التي ارتبطت بجوزيف بلاتر رئيس "الفيفا" السابق، والذي كان على علاقة مميزة بالوزير السابق الشيخ أحمد الفهد الذي وصفته "الغارديان"، في تقرير صحافي، بأنه "عضلات بلاتر في المنطقة".

هذا يعكس شيئاً من طبيعة العلاقات التي تقوم عليها إمبراطورية أحمد الفهد الرياضية, وبالتالي من المرجح أن تكون قضية الرياضة الكويتية قد مرت من هذا الطريق على اعتبار أن الفهد طرف في القضية، ومن الطبيعي أنه سيقوم باستخدام وسائله لحماية مصالحه المحلية، وعلى ذلك فإن أي حلول تفاوضية او قانونية لا ترضي الفهد لن تؤدي إلى نجاح أي مساع لرفع الإيقاف، وستكون مجرد مضيعة للوقت, إلا إن كانت مؤسسات الدولة قادرة على ممارسة نوع من الضغط على الفهد من خلال تتبع خطوات بنائه لهذه القوة, فإن كانت الأموال هي مصدر القوة فسيكون السؤال عن منابع هذا المال وخطوط نقله ونقاط وصوله, وهنا يتبادر السؤال عما إن كانت الدولة تمتلك القدرة فعلاً على القيام بهذا الحجم من البحث والتحري والملاحقة, فلا ننسى أن الفهد كان وزيراً لأهم وزارة مسؤولة عن الإنتاج الرئيسي للدولة.

ووفقاً لما تظهره قضايا الفساد المالي والإداري الأخرى، من الواضح أن الدولة عاجزة عن ملاحقة الفساد واصطياد المفسدين من هذا الحجم, هذا الانعكاس للقصور المؤسسي أدى إلى أن تصبح مؤسسات الدولة مؤسسات لا تحكم, ووجودها يكون أقرب إلى الصورية وحلولها لا تتعدى الترقيع إن وجدت، بل وصل الحال إلى أن يصبح الفساد في موقع الهجوم ليفرض الإيقاف الدولي ولا يقابله سوى شلل مؤسسي تام عاجز عن حل المشكلة, حتى أضحى السبيل إلى الحل متمثلاً في المتسبب وحده، ولا أحد سواه كأسهل الوسائل.

بعض النواب المتحمسين لن يجدوا طريقاً آخر لرفع الإيقاف غير إدخال الفهد في الحل, فهم لديهم القدرة على التنازل له من أجل تحقيق انتصار قائم على مكافأة الفساد لا مكافحته, أما الإصلاح فطريقه مختلف تماماً يتعدى الفترة التي قضاها وزير الشباب في منصبه، ففي وقت كان الفهد يبني قوته كان هنالك نواب يتثاءبون في المجلس من قلة العمل، ومنهم الآن من سيشارك في تقديم الاستجواب!

هذه ليست تزكية للطرف الآخر من الصراع الذي قصّر هو الآخر سنوات طويلة، كما أنه معني بالنظر بجدية إلى مسألة تطوير آلية مكافحة الفساد, وهذه الآلية لا تقف عند ذر الرماد في العيون بتأسيس هيئة تابعة للحكومة أو لجنة تابعة للمجلس، وإنما أعقد من ذلك بكثير!

back to top