الحوار الحل الوحيد

نشر في 02-10-2016
آخر تحديث 02-10-2016 | 00:04
 ذي هيندو لا شك أننا نشهد راهناً عصراً جديداً في العلاقات الثنائية الهندية-الباكستانية يسعى خلاله كل طرف إلى رفع كلفة الصراع إلى أقصى حد ممكن للطرف الآخر بغية تحقيق أهدافه الجيو-سياسية، فقد عمدت دلهي، تعبيراً عن غضبها، إلى إقفال سبل الحوار مع إسلام آباد، كما فعلت سابقاً، كذلك انسحبت من قمة رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي، وحذا حذوها عدد من الدول الأخرى الخاضعة لنفوذ دلهي أو الغاضبة بكل بساطة من باكستان، بهدف عزل باكستان وإظهارها كدولة مارقة.

صحيح أن بنغلاديش، وبوتان، وأفغانستان ستنضم إلى نيودلهي، ولكن ثمة دول أخرى أكثر أهمية خارج المنطقة تراقب التطورات عن كثب، إلا أنها تمتنع عن الانضمام إلى الهند في إدانتها لباكستان إما لأنها غير مقتنعة تماماً بأنها تقف وراء الاعتداء في أوري أو لأنها تخشى التصعيدين الدبلوماسي والعسكري اللذين تترتب عليهما خطوة مماثلة. في مطلق الأحوال يبدو المجتمع الدولي متردداً في اتخاذ أي تدابير ضد باكستان، حتى لو كان مقتنعاً بأنها متورطة إلى حد ما في اعتداءي مومباي وباثانكوت، وخصوصاً أن رد فعل الدول الأخرى يستند إلى حسابات مصالحها الخاصة. على سبيل المثال تصب الحكومة ووكالاتها في لندن كل اهتمامها على إنقاذ بريطانيا من الاعتداءات الإرهابية، لذلك تشعر أنها تجني فوائد أكبر بالتعاون عسكرياً واستخباراتياً مع باكستان لأن ذلك يساعدها في إلقاء القبض على الإرهابيين في وطنها. إذاً يتطلب إقناع العالم بتورط باكستان ودفعه إلى اتخاذ خطوات فعلية ضدها جهداً جباراً.

أضف إلى ذلك الخوف الأكبر مما قد تقود إليه حرب الكلام: صراع فعلي يزيد خطر تبادل الهجمات النووية.

تشكّل معارك الهند وباكستان، الكلامية منها والعسكرية، وإمكان التوصل إلى سلام فعلي مسألة طويلة الأمد، ولكن على الأمد القصير، سمح خطاب الحرب للجيش في باكستان بترسيخ روح القومية والتسويق لخطابه الاجتماعي-السياسي الجديد، فمع أن نواز شريف اتبع ما عليه القيام به بالحرف، اعتُبر مذنباً ودمية رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وهذه الصورة تهدف إلى الحد من قدرة رئيس الوزراء الباكستاني (هذا إن بقيت له أي قدرة أساساً) على التحكم بفاعلية في أجندة السياسة الخارجية وتقليص هامش المناورة المتاح أمام الحكومة المدنية عند تبديل الحرس في مقرها.

يعود إلى رئيس الورزاء مودي احتساب فوائد التخلي عن مكانة "الأمة الأكثر حظوة" أو معاهدة مياه نهر السند، لكن مبادرات مماثلة لن تحقق الكثير من المكاسب على الأمد القصير. صحيح أن الرأي العام في البنجاب تبدّل بشأن الهند ونشهد راهناً حماسة أكبر للتعاون التجاري معاً، إلا أنه لم يصبح قوياً كفاية لاستغلال هذا النفوذ في التأثير في طريقة تفكير الجنرالات، ويجب تطوير مجموعة الضغط هذه، ولا شك أن نيودلهي تشعر بالاستياء لغياب الخطوات الملموسة، لكن الوقائع على الأرض تُظهر أن شبه القارة تشهد راهناً لعبة شطرنج لا لعبة "إكس-أو". نتيجة لذلك، تبدو الخطوات في هذه اللعبة كثيرة، ومعقدة، وتتطلب الوقت. وفي هذه المرحلة يلجأ مَن يتعاطون تجارياً مع الهند من باكستان إلى مصادر تجارية غير مباشرة عبر دول أخرى.

في ظل الظروف الراهنة تحقق كلتا الدولتين فوائد جمة إن عدلتا عن خطاب الحرب وعادتا إلى طاولة المفاوضات. لكن ما يزيد السلام صعوبة تجاهل دلهي الصراع الأساسي في كشمير واعتباره أمراً معتاداً، إلا أن هذا الصراع ولّد جيلاً من الناس الغاضبين والمستائين، وعلى حكومة مودي أن تتوصل إلى حلول مبتكرة كي تطور العلاقات معهم. وتشكّل هذه الحلول عموماً المقاربة القصيرة أو المتوسطة الأمد التي يجب اعتمادها، ولا شك أننا سنحقق تقدماً كبيراً نحو السلام في كشمير، مقارنة بمخاطبة الشعب في باكستان ودعوته إلى منافسة للحد من الفقر.

عايشة صدّيقة | Ayesha Siddiqa

back to top