«خيرنا بديرتنا»

نشر في 01-09-2016
آخر تحديث 01-09-2016 | 00:01
لا أدري متى تستوعب السلطة أن استمرار التسويف والمماطلة في حل مشكلة البدون لن يجدي نفعا، وأنها مطالبة بدفع ثمن كل هذه المماطلة التي امتدت خمسين سنة، فإن كانت هذه المشكلة في بدايتها سياسية، فإنها صارت اجتماعية وأمنية مع مرور الزمن، واستمرارها يعني حتما زيادة آثارها السيئة على الوطن.
 حسن مصطفى الموسوي الكويت بلد جبل على الخير والعطاء، حيث امتدت أياديها إلى مختلف بقاع العالم، وهذا العطاء لم يكن مقتصرا فقط على عهد الثروة وتصدير النفط، بل حتى في أيام الضنك والحياة الصعبة كان الخيرون من أبناء الكويت يجودون بما يملكون من أجل أعمال الخير سواء داخل الكويت أو خارجها، وإن كان حجم تلك التبرعات بطبيعة الحال أقل في تلك الحقبة نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب آنذاك.

وإن كان من المهم أن نستمر كدولة أو كشعب في أعمال الخير في الخارج نظراً لأهميتها سواء على المستوى الإنساني أو حتى السياسي، فإن ذلك يجب ألا ينسينا معاناة الكثيرين داخل الكويت، فإن كان الحرمان صعباً بذاته، فإنه في بلد الخير والثروة أصعب بكثير، ومن هذا المنطلق أعجبني مشروع «خيرنا بديرتنا» لمبرة دشتي، والذي يهدف إلى تجهيز الأطفال البدون بالحقيبة المدرسية بكامل تجهيزاتها، نظرا لما تعانيه هذه الفئة المظلومة من معاناة وظروف صعبة يسمع بها الجميع، لكنّ القليلين فقط يدركون حجمها الحقيقي. لقد جاء هذا المشروع ليذكرنا بمظلومية هذه الفئة وباستمرار معاناتها وأهمية القيام بمسؤولياتنا كشعب تجاهها؛ ولذلك يجب على كل اللجان الخيرية، وبالأخص بيت الزكاة، أن تولي اهتماما أكبر بهذه الفئة والمعاناة التي يمر بها أطفالها بالذات.

وما دمنا نتحدث عن مأساة البدون، لا أدري متى تستوعب السلطة أن استمرار التسويف والمماطلة في حل هذه المشكلة لن يجدي نفعا، وأنها مطالبة بدفع ثمن كل هذه المماطلة التي امتدت خمسين سنة، فإن كانت هذه المشكلة في بدايتها مشكلة سياسية، فإنها صارت اجتماعية وأمنية مع مرور الزمن، واستمرارها يعني حتما زيادة آثارها السيئة على الوطن، خصوصاً أن كثيرا من الدراسات أثبتت أن تقدم الدول في كل المجالات واستقرارها وأمن مجتمعاتها مرهونة بمدى تحقق العدالة الاجتماعية والمساواة فيها لا بحجم الأموال التي تملكها، فزيادة فارق الدخل المادي بين طبقات المجتمع سواء بين الكويتيين أنفسهم أو بين الكويتيين وبقية المقيمين يعني مزيدا من التدهور على كل الصعد في الدولة، وهذا ما يلمسه الكثيرون في أيامنا هذه.

لقد بات من الضرورة القصوى حل هذه الأزمة السياسية الاجتماعية الأمنية حلا عادلا يمنح كل ذي حق حقه، وخصوصاً أصحاب إحصاء 65، مع إعطاء البقية حق العيش الكريم في بلد العطاء والخير، بدلا من استمرار محاولة الضغط عليهم وتصعيب أمورهم المعيشية، التي لم تنجح حتى الآن في حل المشكلة حلا جذريا.

back to top