الأخسرون أعمالاً

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:01
 الشوادفي عبد الرحمن مع تعاقب الأحداث العالمية وما تمر به المنطقة من أحداث يندى لها الجبين، وتقشعر منها الأبدان، يشعر الإنسان، ولاسيما المسلم، بمرارة قد لا يحس ولا يشعر بها إلا ذوو القلوب الحية، مناظر قتل وسفك وتفجير، مناظر بشعة لا يستطيع الشخص أن ينظر إليها أو يشاهدها، وإن شاهدها لا يستطيع أن يكمل متابعتها من بشاعة ما فيها.

وما يزيد تلك المرارة والحسرة والألم أن المجرمين المتسببين في تلك المآسي يفعلون ما يفعلون باسم الدين وينسبون أنفسهم إلى الإسلام، مع أن الإسلام منهم براء، فهؤلاء انصاعوا وراء أفكار زرعها فيهم جهلاء أو حاقدون، بعيدة كل البعد عن الإسلام، فالإسلام جاء بالسماحة والرحمة وقدوتنا في ذلك، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي جاء رحمة للعالمين، قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ».

فكيف ينسبون أنفسهم إلى هذا الدين الحنيف، والرسول الكريم الخاتم، فالإسلام لم يأمر بقتل أو تحريض وسفك دماء، فدم الإنسان أعظم عند الله حرمة من بيته الحرام، وقد تجلت الرحمة في نبينا الكريم، وكان في موضع قوة عند فتح مكة، إذ قال يومها لكفار قريش «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

وأقول للمجرمين سافكي الدماء: كيف يستطيع مسلم ينسب إلى دين الرحمة أن يمسك بسكين ويقطع رأس إنسان أمامه، إنه منظر بشع مهما كان ديانة مرتكبه أو هويته أو جنسيته.

والعجب كل العجب لمن يفجر نفسه ويلقي بها إلى التهلكة بسفك دماء آخرين، كيف هانت عليه تلك الأرواح البريئة؟ ألم يرق قلبه لها، ألم يعلم أنه سيشرد بهذا الفعل الآثم أسراً وييتّم أطفالاً ويرمل نساءً، هؤلاء نزعت من قلوبهم الرحمة والإنسانية، بل أقول له كيف هانت عليك نفسك وأنت ترمي بها إلى الهلاك، مع أن الدين الذي تدّعى الانتساب إليه، قال: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ».

والأنكى أنهم حولوا تلك الجرائم الآثمة إلى أعظم الأماكن حرمةً عند الله، وهي بيوته عز وجل، تلك البيوت التي هي مأوى كل خائف وملجأ كل مضطرب.

والسؤال: أهؤلاء المدفوعون إلى تلك الجرائم مأجورون لتشويه صورة الإسلام، أم زرعت فيهم مفاهيم خاطئة وأفكار مغلوطة هي بعيدة كل البعد عن الإسلام باسم الجهاد، واهمين أنهم سينالون أجرهم عند الله في الجنان بعد تلك المآسي والجرائم الآثمة؟

قال تعالى: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا».

فالإسلام دين الرحمة ودين التسامح ودين المحبة ودين الوسطية، قال تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا»، ولم يكن يوماً دين إرهاب أو عنف، فعلينا كمسلمين أن نرسخ هذا الفكر الوسطي، لتعرفه الأجيال وتقف به على سماحة ذلك الدين العظيم.

back to top