في حضرة الفيصل

نشر في 20-06-2015
آخر تحديث 20-06-2015 | 00:01
 ناصر بدر المرشد إلى معالي المستشار فيصل عبدالعزيز المرشد، في البداية قد تبدو كلماتي «قزمة» أمام هامتكم، لكن لابد لي من أن أسجل موقفاً بعد كل هذه السنوات التي قضيتموها في خدمة الوطن، ولا شك أن الرجال لا يعرفون من خلال مناصبهم، بل من خلال المواقف والأحداث التي مروا بها، وبالطريقة التي تعاملوا بها مع تلك الأحداث، وكذلك من خلال طبيعة تعاملهم مع الناس.

فقد كنت خير قدوة للأجيال القادمة، فمن خلال خدمتك في السلك القضائي على مدى أكثر من أربعين سنة أرسيت مبادئ العدالة، وكنت فيصلاً بتاراً في قبضة الحق والمبدأ، ولم تخش في عملك إلا رب العالمين، وقد أديته على أكمل وجه، وذلك بشهادة كل من تعامل معك، بل إنك كنت مدرسةً ومرجعاً لجميع منتسبي قصر العدل، حتى أصبحت أيقونةً للأمانة والإخلاص بالعمل، بالإضافة إلى إسهاماتك في تطوير البيت القضائي والسعي للحفاظ على مكتسبات القضاة وجميع منتسبي السلك القضائي.

فضلاً عن أنك كنت خير مثال للتواضع والحكمة، لم تغرك المناصب أو الألقاب التي لم تضف إليك شيئاً أبداً، بل إنك أضفت إليها فزهت بك، وعلى الرغم من بعض ما جرى في الأيام الأخيرة فإن ذلك لم يغير من صورتك عند الناس أبداً، بل إن الإساءات إليكم كانت هي المسمار الأخير في نعش من روجها من خونة الدين والوطن، فلا يضر الحصان الأصيل قرصة البعوضة، فالحصان يبقى أصيلاً والبعوضة تبقى حشرة.

أبا غازي إنه لمن الصعب علينا أن نستوعب الخسارة الكبيرة للقضاء الكويتي برحيلك يا أنبل الرجال، لكنها سنّة الحياة، حتى برحيلك عن عملك تعطينا درساً استثنائياً، فلا يخفى على الجميع أنك - أطال الله في عمرك- لم تبلغ السن القانونية للتقاعد، وكان بإمكانك أن تكملها، لكن وبشكل استثنائي ليس في الكويت فحسب بل في الوطن العربي أثبتّ أن المناصب مهما كانت رفيعة المستوى فهي ليست إلا وسيلة لخدمة الوطن والناس، وليس بالضرورة أن ترحل عندما تضطر إلى ذلك عند اكتمال السن القانونية للخدمة، في حين يتكالب أصحاب المناصب للبقاء في مراكزهم بغرض الوجاهة وغيرها.

في النهاية لا يسعني إلا أن أتقدم لك بخالص الشكر والامتنان على كل ما قدمته من تفانٍ وإخلاص في العمل راجياً المولى عز وجل أن يمدكم بالصحة والعافية.

ابنكم

back to top