إيران ودول شبه الجزيرة

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:01
 عبداللطيف مال الله اليوسف لن تكف إيران عن التدخل في الشأن العربي ودول شبه الجزيرة على وجه الخصوص، فالتدخل أصبح فيها سجية وميزة تميز أطوارها وعهود الحكم فيها، ملكية كانت أو جمهورية، وإن لم تحركها أحقادها التاريخية، فإنها لن تغفر للدول العربية مساندتها للعراق في حربها ضده إبان عقد الثمانينيات الماضي؛ ولذلك فإنه ما إن غاب العراق كطرف فاعل ومؤثر في معادلة القوة في المنطقة حتى اعتبرت نفسها أعظم قوة فيها، وأباحت لنفسها التمدد كيفما شاءت، ولأن اليمن جسد الوشيجة القومية خير تجسيد، وساهم بشكل أكثر فاعلية في هذه الحروب إلى جانب العراق؛ ولأن منظمة التعاون الخليجي جانبته ولم تضمه إليها منذ تأسيسها، ولأنه يشكو الفاقة والعوز، فإن إيران اعتبرته طريدة يسهل اقتناصها.

احتلت إيران الجزر الإماراتية الثلاث في بداية 1970 ولم ينهرها أحد، ثم بعد هزيمتها أمام العراق انقلبت مقاييس القوة وسلمتها الولايات المتحدة هذا القطر العربي الكبير هدية؛ نكاية في المكون السني به والذي عانت ويلاته طوال فترة احتلالها له، وهي (إيران) تحكم قبضتها في لبنان وسورية، لذلك فقد تقدمت تجاه اليمن غير عابئة بأحد، تتملكها روح الغطرسة والغرور بسطوتها واعتقادها التام برهبة العرب والمجاورين لها منها، فكانت هذه الحالة التي تلبست إيران هي أنكي الأسلحة وأمضاها ضدها، فباغتتها عاصفة الحزم مباغتة تامة وناجزة.

عامل آخر ساهم في امتهان إيران عرب الجوار، وهو أنهم وعلى الرغم من اعتداءاتها ضدهم فإنهم ساهموا مساهمة فاعلة في تغذية البنية الإيرانية على مدى الأربعين عاما الماضية منذ أن جمدت الولايات المتحدة الأرصدة الإيرانية في بنوكها، فكانت الحدود والجغرافيا الخليجية مفتوحة تتدفق إليها البضائع والعمالة الإيرانية مما كان له الأثر الكبير على حالة الميزان التجاري لهذه الدولة الباغية، وفي حالة من الأفضلية على البضائع والعمالة العربية، فماذا تتوقع إيران من جانبنا كرد فعل على استمرار أعمالها إلا مقاطعة هذه البضائع واعتبار الرعايا الإيرانيين طابوراً خامساً يجب التخلص منه؟

سيفتقد الخليجيون العرب الثقل البشري اليمني في أي مواجهة إقليمية محتملة كما هي الآن، الأمر الذي يدعو إلى رأب الصدوع (ما أكثرها ولكن ما أصغرها) وتدارك الأخطاء التي حالت دون انضمام اليمن ذلك القطر العربي الخالص النقاء إلى مجلس التعاون، إذ إن في ذلك مضاعفة لسكان مجلس التعاون عدداً وعدة، وألا ننتظر تحول نظام حكمه إلى غير الجمهوري حتى يستوفي شروط الانضمام، فالصفة التي جمعت أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون الحالي لم تمنعها من الاستعانة بجيوش دول ذات نظام جمهوري كما هي عليه الحال في معركتنا الراهنة مع النظام الإيراني.

back to top