المواطنة بين مطرقة المبدأ وسندان الانتقام

نشر في 09-07-2016
آخر تحديث 09-07-2016 | 00:05
 أسامة العبدالرحيم المواطنة انتماء إلى بقعة أرض، وهي حق مكفول إنسانياً لكل من سكن هذه الأرض، وحصل على مواطنتها بحكم وجود أجداده عليها أو بحكم حصوله على تلك المواطنة بنص القانون، وعموماً فإن مفهوم المواطنة غير ثابت، إذ يتسع ويضيق حسب المجتمعات وسياقها التاريخي.

منذ عام ٢٠١١ والأزمة السياسية تتفاقم في المنطقة، خصوصاً مع التضييق على الحريات وانتهاك الحقوق الإنسانية واستمرار الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني، إضافة إلى الأحكام القاسية على عناصر المعارضة والناشطين الحقوقيين والسياسيين السلميين في بلدان المنطقة، وبين الفترة والأخرى كنا نأمل انفراجاً سياسياً يهدئ الأوضاع ويخفف الاحتقان، لكن يبدو أن الحكومات تريد أن تنتقم من الصوت المعارض، وهذا ما سيزيد الأمور تعقيداً.

التاريخ يُعري أصحاب المواقف المتناقضة والمبادئ الهشة في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ونصرة المظلومين، فمع تسارع الأحداث السياسية الساخنة تظهر حقيقة بعض كوادر قوى الإسلام السياسي بشقَيه (السني-الشيعي)، وما مواقف تلك القوى إزاء قضية سحب الجناسي إلا مثال حيّ يكشف طائفيتهم وعنصريتهم ويفضح بشاعة ضمائرهم ومدى تناقض تعاطيهم مع هذه القضية، حيث فرح بعضهم لسحب الجناسي، بينما صَمَت آخرون في بقعة جغرافية لكنه استنكره بشدة في بقعة أخرى! ومع أن سحب الجناسي كان انتقاماً سياسياً في كلتا البقعتين، فقد حاول هؤلاء أن يبرروا موقفهم المتناقض بناء على حجج تستسيغها حكومتا هاتين البقعتين.

وفي المقابل كان للقوى التقدمية الوطنية والديمقراطية موقف ثابت وصلب في هذه القضية وغيرها، ولعبت دوراً مميزاً ومُشرّفاً في الدفاع عن الحريات والحقوق الإنسانية بشهادة من يختلف معها قبل من يتفق، وفي النهاية نحن نرفض أسلوب تصفية الحسابات السياسية بسحب الجناسي وحرمان الإنسان حق المواطنة في أيّ بقعة من الأرض، فالجنسية ليست منحة.

back to top