الأزمات الإلكترونية وحوكمة الدولة

نشر في 07-06-2015
آخر تحديث 07-06-2015 | 00:01
 د. عبدالله جاسم الشهاب يجب أن تحرص الدولة على ضمان استمرارية عمل الأنظمة الحرجة الإلكترونية والحفاظ عليها من التعطل من خلال تفعيل حوكمة لأفضل الممارسات، وفرض إجراءات كفيلة بإدارة الأزمات الإلكترونية، وإلزام جميع الجهات بالدولة بهذه الإجراءات حفاظا على سلامة الأنظمة الحرجة الإلكترونية من العبث أو التلف.

سافرت مع زميل لي لحضور مؤتمر في إحدى الدول الأوروبية، وعندما عدنا من المؤتمر إلى الفندق مساء اتصل بي زميلي وأبلغني أنه نسي جهاز الآيفون في سيارة الأجرة، وقد حاول مرارا الاتصال بجهازه دون جدوى، وفي الصباح أبلغه استقبال الفندق بأنه لم يتم العثور على الهاتف، فما كان مني إلا أن واسيته على ما حدث من فقدانه لجهازه فرد عليّ بأنه يحتفظ دائما بنسخ احتياطية عبر أدوات الحوسبة الغيمية (I-Cloud) لأن الجهاز يحتوي على معلومات مهمة من صور عائلية وبيانات تتعلق بالعمل والأسرة، ولا يحتمل فقدان البيانات المخزنة بالجهاز لأهميتها، اتجهنا إلى السوق التجاري واشترى جهازاً مماثلاً لجهازه المفقود وخلال ساعة حمل كل البيانات على الجهاز الجديد وكأن شيئا لم يكن.

أورد أحد الأخبار أن تعطل أحد أجهزة الكمبيوتر في بورصة نيويورك تسبب في توقف بعض أجزاء الشبكة لمدة 3 ساعات وأدى إلى خسائر كبيرة (أخبار بلومبيرغ 26 أغسطس 2013)، 30% من عمليات القرصنة الإلكترونية العالمية تستهدف دول الخليج (جريدة القبس 14 مايو 2014)، وأيضا شدد رئيس هيئة الاتصالات المهندس سالم الأذينة "أن الحرب الإلكترونية هي حرب حقيقية قائمة الآن، مشيرا إلى أن كثيرا من دول العالم أصبحت تضع السياسات الكفيلة بمواجهة هذه الحرب الإلكترونية لحماية أمنها واقتصادها". (جريدة الأنباء 28 أبريل 2015).

قبل شهر تقريبا وقع حريق في إحدى إدارات وزارة الداخلية أدى إلى تعطل الأنظمة الإلكترونية ثلاثة أيام، ونتج عنه توقف الخدمات الإلكترونية المقدمة للمواطنين والمقيمين من خدمات متعلقة بمنافذ الدولة وأنظمة هجرة ومرور وغيرها؛ لذلك فمعظم الأنظمة الإلكترونية معرضة للتعطل في أي لحظة بيد أن بعض الأنظمة الإلكترونية تسمى أنظمة حرجة أي أنها أنظمة لا تحتمل التوقف للحظة، ويتم التعامل مع هذه الأنظمة بمفهوم يسمى (Zero Down Time).

 مازلت أذكر خلال الدراسة في الجامعة أننا تعلمنا كيفية عمل إجراءات كفيلة بإدارة الأزمات الإلكترونية حفاظا على البيانات وحمايتها من التلف أو العبث، وكحال معظم الدول في العالم يوجد لدينا الكثير من الأنظمة الحرجة مثل المتعلقة بالمراقبة الجوية أو التحكم في شبكات الطاقة الكهربائية أو مصافي النفط وغيرها، وواقع الحال يقول إن أنظمة إلكترونية حرجة قد تعطلت ثلاثة أيام في إحدى الجهات بالدولة فإنه من الممكن أن تتعطل أنظمة أخرى، وقد يكون تأثيرها أكبر بكثير مما حدث.

 زميلي حرص على أن يحتفظ بنسخ احتياطية لأهمية بياناته الشخصية، فالأولى أن تحرص الدولة على ضمان استمرارية عمل الأنظمة الحرجة الإلكترونية والحفاظ عليها من التعطل من خلال تفعيل حوكمة لأفضل الممارسات، وفرض إجراءات كفيلة بإدارة الأزمات الإلكترونية، وإلزام جميع الجهات بالدولة بهذه الإجراءات حفاظا على سلامة الأنظمة الحرجة الإلكترونية من العبث أو التلف.

back to top