عن أي تنمية يتحدثون؟!

نشر في 25-10-2014
آخر تحديث 25-10-2014 | 00:01
 خالد الجري في دليل على غياب بعد النظر لدى الحكومة أنها مع أول تهديد لانخفاض أسعار النفط اتجهت إلى تقليص الدعم عن بعض المنتجات والخدمات، ليتحمل المواطن البسيط وزر أخطاء المسؤولين، ومع اعترافنا بأن التوجه إلى الضرائب شر لا بد منه، فكيف للمواطن أن يثق بحكومة لم تكن على قدر المسؤولية رغم كل ما لديها من فوائض مالية؟

رغم كل التحذيرات التي يطلقها الخبراء عبر دراساتهم وقراءاتهم بشأن ضرورة تنويع مصادر الدخل، محذرين من أزمة تلوح في الأفق، فإن الكويت مازالت تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، مما ينبئ بأن الحكومة لا تملك فن القيادة، وليس لديها بُعد نظر تجاه ما هو مقبل من الأيام.

وفي ظل التوجه العالمي هذه الأيام نحو الطاقة البديلة والمتجددة التي أصبحت واقعاً، فإن حكومتنا لم تستغل ما لديها من فوائض مالية تراكمت خلال السنوات الماضية، بل توجهت إلى زيادة المصروفات وإثقال الميزانية بمشاريع وهمية تحت مسمى "التنمية"، متناسية أن التنمية الفعلية هي التنمية البشرية، وأن التطور العمراني دون تطوير العنصر البشري ما هو إلا هدر للمال العام، كمن يملك أحدث سيارة أو أحدث تكنولوجيا دون أن يعرف كيفية استخدامها أو توظيفها لراحته، ليكون ما أنفقه، في هذه الحال، مجرد تبذير لا عائد منه.

وفي دليل على غياب بعد النظر لدى الحكومة أنها مع أول تهديد لانخفاض أسعار النفط اتجهت إلى تقليص الدعم عن بعض المنتجات والخدمات، ليتحمل المواطن البسيط وزر أخطاء المسؤولين، ومع اعترافنا بأن التوجه إلى الضرائب شر لا بد منه، فكيف للمواطن أن يثق بحكومة لم تكن على قدر المسؤولية رغم كل ما لديها من فوائض مالية؟ وكيف نأتمنها على أموالنا في حال إقرار الضرائب؟!

ألم يكن الأحرى بتلك الحكومة أن تبدأ بنفسها، إذا رأت أن تقنين المصروفات أمر لا بد منه، بدلاً من المساس بدخل المواطن البسيط؟ ألا تعلم أن هناك هدراً للمال العام من مسؤوليها، متمثلاً ببند المهمات الرسمية؟ ألا تعلم أن لكل مسؤول فيها مخصصات سفر تصل إلى ٣٥٠ ديناراً عن كل يوم يقضيه خارج البلاد، فضلاً عن مصروفات نثرية بواقع ٥٠٠ دينار، تضاف إليها مصاريف أخرى كتذاكر السفر والإقامة، أي أن مصروفات سفر مسؤول كهذا في يوم واحد تتجاوز دخل بعض موظفي الدولة شهراً؟

 وإذا أردت أن تدرك مدى حرص المسؤولين على الهدر، فاقرأ تصريح وكيل وزارة المالية على الموقع الإلكتروني للوزارة، حيث برر سيادته لقرار مالي أصدره بأنه يأتي "في إطار السياسة التي تنتهجها وزارة المالية وسعيها إلى تطوير العمل لدى الجهات الحكومية والتوجه إلى التنفيذ اللامركزي للصرف على المهمات الرسمية في الخارج، وتماشياً مع تبسيط إجراءات الصرف"، ليتبين لك مدى اهتمام هذا المسؤول بتسهيل عملية الصرف على مهماته وأسفاره الخارجية، والتي يستطيع من خلالها تبديد المال العام والاستعراض بالصور التي يلتقطها وينشرها على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا تمتّ بأي صلة إلى المهمة التي غادر البلاد من أجلها، في دليلٍ على أن أمثال هؤلاء المسؤولين لا يهتمون إلا بأنفسهم.

يأتي هذا من مسؤول "المالية"، في وقت تقدم عدة قضاة، يمثلون 150 قاضياً، بإنذار إلى وكيلي "المالية" والعدل، بأنه في حال عدم إعطائهم حقوقهم المتمثلة بمكافأة نهاية الخدمة ومزايا صندوق الضمان الاجتماعي، والتي صدرت فيها أحكام نهائية، فستتم المطالبة بعزلهما من منصبيهما ضمن مهلة أقصاها خمسة أيام، لعدم تنفيذهما تلك الأحكام الصادرة باسم صاحب السمو أمير البلاد.

إلى هذا الحد وصلت الجرأة ببعض المسؤولين، حتى ظنوا أنهم باتوا فوق القانون، ضاربين بالأحكام القضائية عرض الحائط، فعن أي تنمية يتحدثون في ظل وجود مسؤولين كهؤلاء؟! لذا في ظل وضع كهذا لا غرابة أن تستمر الكويت في آخر ركب التنمية والتقدم.

back to top