... بل زيادتها

نشر في 16-08-2014
آخر تحديث 16-08-2014 | 00:01
 د. صالح الحيمر قرأت للأستاذ بدر البحر مقالا يطالب فيه الشؤون بوقف مصاريف اللجان من التبرعات، وقد استند في رأيه إلى فتاوى العالمين بن باز وبن عثيمين رحمهما الله... وهذان العالمان قد اعتمدا رأي الشافعي في المسألة، وخلال تتبع بسيط وجدت أن الشافعي أيضا يرى أن أولوية دفع أجرة العاملين عليها يجب أن تكون من بيت المال، والذي هو اليوم «الحكومة».

ولا أدري إن كان الأستاذ بدر قد اطلع على توصيات الندوة الثالثة لقضايا الزكاة التي عقدت بالكويت عام 1992 بدعوة من بيت الزكاة، والتي حدّدت ووضحت فتوى الشافعي وأسقطتها على عصرنا الحالي؟ والمثير أن التوصية الأولى في الندوة قد جاءت في موضوع العاملين عليها، فرأت الندوة أن المؤسسات واللجان القائمة في العصر الحديث هي صورة عصرية من ولاية الصدقات المقررة في النظم الإسلامية، وذكرت أيضا «أنه يدفع للعاملين والتجهيزات والمصاريف الإدارية من ثُمن الزكاة»، وعادت وأكدت «أنه من الأفضل دفع المصاريف من خزينة الدولة»، وزادت الندوة «تزويد مقار ومؤسسات الزكاة وإدارتها بما تحتاج إليه من تجهيزات وأثاث وأدوات إذا لم يتمكن من توفيرها من مصادر أخرى كخزينة الدولة، ويجوز توفيرها من سهم العاملين عليها».

وبالانتهاء من شرعية دفع ثُمن الزكاة للعاملين عليها نأتي إلى أن الحكومة قد شرعت لموظفيها، وهم الذين تدفع لهم رواتب حكومية، الأخذ من بند العاملين عليها في مؤسسات رسمية كبيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف، وذلك من خلال نظام رسمي وفتوى شرعية، فمن باب أولى أن يدفع لمن يعمل باللجان الخيرية التي لا تدعمها الدولة ماديا.

نأتي إلى دور وزارة الشؤون في التعامل مع اللجان الخيرية، فليس المفروض ولا المقبول في دولة مؤسسات تؤمن بأهمية وجود القطاع الثالث غير الربحي أن تسمع أو تطيع أو حتى تقبل أي دعوى تهدم أو تضيق على هذا القطاع، فالأولى إعادة تأهليه ووضع الآليات المناسبة لتطويره وجعله رافدا تنمويا وذراعا رئيسية لأجهزة الدولة في التعامل مع قطاعات المجتمع المختلفة كالشباب والمسنين والمحتاجين وأصحاب التخصصات وغيرهم.

وإن كان من اقتراح أو نصيحة تقدم للحكومة، وليس فقط لوزارة الشؤون، وبعيدا عن صيحات الإغلاق والتخوين والاتهامات أقترح الآتي:

• إعداد دليل العمل في الجهات التطوعية يضمن استقلاليتها وشفافيتها وتوسيع عملها، ورسم علاقة واضحة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة يضمن استمرارية عملها بعيدا عن التوجهات الفكرية والخلفيات الأيديولوجية.

• تبني الحكومة للدراسات والأبحاث التي من شأنها تطوير العمل الأهلي والتطوعي، ليس فقط اللجان الخيرية، وذلك بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة لتطوير الأداء ورفع العبء عن الجهات الحكومية.

• التعاون بين الجهات الحكومية ومؤسسات العمل التطوعي لإنشاء مشاريع تنموية وخدمية، ويفضل أن تكون ريعية لاستمرار عطائها وضمان نجاحها.

• قيام الحكومة بفتح الباب للانتداب للعمل في جهات العمل الخيري والتطوعي بشكل يضمن حسن الأداء، مع ما يتبع ذلك من تطوير ورقابة وتقييم، إذ لا يعقل أن يعمل الإنسان بلا مقابل.

• مساهمة الحكومة في دفع رواتب العاملين في الجهات الخيرية بالأخص، حتى يتم توفير أكبر قدر من الأموال تدفع لمستحقيها.

• تبني الحكومة لمشروع وطني إحصائي دقيق وموثق تكشف من خلاله الاحتياجات المجتمعية ومستويات المعيشة وأماكن التطوير والتنمية، مما يعزز عمل الجهات التطوعية ويرشدها في تبني المشاريع وتوجيه الجهود.

• تبني الحكومة توفير مقرات للجان الخيرية وبتوزيعة جغرافية مناسبة وبخدمات يحتاجها المجتمع.

أما أن تستمر حالة عدم التواصل مع وجود سوء النية فلن يعود ذلك إلا بنتائج عكسية على المجتمع الكويتي. ولعلي في مقال قادم أتحدث عن الشرائح التي تخدمها اللجان الخيرية داخل الكويت وضخامة هذه الشريحة، والتي أعتقد أن الحكومة لن تستطيع التعامل معها في حال اختفت اللجان الخيرية من الخريطة.

back to top