الفرق بين «ناصرية» السيسي و«ناصرية» صباحي

نشر في 17-04-2014
آخر تحديث 17-04-2014 | 00:01
 أ. د. محمد جابر الأنصاري لن تختل الصورة بدخول المترشحين الجدد للرئاسة في مصر، ذلك أن هؤلاء المترشحين ترشحوا رغبة في الشهرة لا أكثر ولا أقل، ويظل المرشحان السيسي وصباحي هما "فرسا الرهان" في عملية الترشح للرئاسة.

ومادام أن الاثنين يعلنان أنهما ناصريان، فما الفرق بين "ناصرية" السيسي و"ناصرية" صباحي؟

هنا مربط الفرس، ومن إلقاء الضوء على هذا الفرق يتبين، ليس الوضع السياسي في مصر فحسب، بل الوضع العام في الوطن العربي، وإذا قارن المصريون بين حكام مصر، فالنتيجة أن جمال عبدالناصر هو أفضلهم على الإطلاق، فصباحي نزل الانتخابات الرئاسية السابقة كمرشح ناصري، ولقد كتُبت مئات المقالات عن السيسي بأنه سيحكم مصر دون أخطاء عبدالناصر.

وأحرص على قراءة "الأهرام" القاهرية كل صباح، وقد توقعت أنه- بمناسبة حرب أكتوبر- ستجد الأهرام مناسبة للحديث عن عبدالناصر، وفجأة اختفت صور ناصر وأي ذكر له من "الأهرام"، والحاصل أنه صدرت "تعليمات" للجريدة بألا تذكر عبدالناصر.

وفي الأعداد السابقة كانت أخبار الإضرابات العمالية تملأ الجريدة، والنتيجة أن عمال "القطاع العام" هم الذين يملؤونها إضراباً، و"القطاع العام" خاصية "ناصرية".

وعندما فقد "القطاع العام" هيبته- أيام السادات- لم نسمع دفاعاً عنه، بل رد مؤيدوه على ما أثير حوله، وطالما أن الجيش قام بحركة- رغم حساسية- من قاموا بها، فإنه لابد من الدفاع عن "القطاع العام"، وعماله هم أجدر الناس بذلك الدفاع.

وحيث إن الوضع ناصري أو "شبه ناصري" فقد طغت الخصائص الناصرية عليه- عدا معاداة إسرائيل ومزج الرأسمالية بالاشتراكية- فقد وجدها العمال مناسبة سانحة ليثبتوا وجودهم وفي كل يوم يعلنون إضراباً.

وهنا لا يختلف صباحي عن السيسي في شيء، فكلاهما يؤيد ناصرية الداخل، إنما هي ناصرية الخارج التي أوجدت هذا الفرق.

ويختلف المرشحان الناصريان بشأن إيران وخطرها على الخليج العربي ودوله،  فعبدالناصر عادى إيران بسبب سياسة الشاه، هكذا يقول أنصار حمدين صباحي، وحيث إن الشاه قد رحل، والنظام الذي حل مكانه صديق لعبدالناصر ويشيد به، خصوصاً الإمام الخميني، لذلك فمعاداة إيران بملايينها وموقعها ليست سياسة حكيمة، ولابد من انتهاز الفرصة وإعلان مصادقتها، حتى يستقيم الأمر، ويبدو أن صباحي غير مدرك أو غير مستوعب لسياسة "الوجهين" التي تتبعها إيران، وفي إحدى ندواته تحدث عن "أمن الخليج" حتى لا يقال إنه أهمل جانباً في برنامجه الانتخابي.

أما السيسي فقد استلم مسؤولية الحكم، وأدرك هذه الأساليب الإيرانية، لقد تولى الرجل مسؤولية وزارة الدفاع المصرية وكان عليه أن يرى مصادر "الخطر" كلها، ورأى "الخطر" كاملاً بمختلف أوجهه.

فإيران تحتل جزر الإمارات الثلاث، وهي وراء الاضطرابات في البحرين وتسعى إلى "فركشة" مجلس التعاون، والأزمة الخليجية مع قطر مردها هذا الهدف "النبيل"!

وقد أدركت السعودية والإمارات- ومعهما البحرين- أهمية أن يأتي لقيادة مصر رجل كالمشير عبدالفتاح السيسي، ليواجه "الإخوان المسلمين".  وقد لاحظ المراقبون حرص الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين على زيارة مصر شخصياً ولقاء المشير السيسي، فهو أول الزعماء الخليجين الذين التقوا بالسيسي، قبل أن تسمح ظروف السيسي بلقاء غيره.

 وهكذا عرف السيسي إيران على حقيقتها وحقيقة سياستها في الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، معرفةً لم تتيسر لصباحي، فصباحي درس الأمر نظرياً أما السيسي فقد استفاد من التجربة العملية.

وبناءً على ذلك فإن دول الخليج العربية لا تُلام إذا أيدت السيسي، وهو إذا جاء رئيساً لمصر، فإن دول الخليج العربية ستمده بالعون والدعم والمساعدة، بل ستمد مصر بكل ذلك. فالرجل ذو اتجاه "عربي" و"العروبة" لم تتأثر بمحو آثار عبدالناصر وإن كان عبدالناصر، أول الساسة المصريين الذين نادوا بها.

* أكاديمي ومفكر من البحرين

back to top