حوار الطرشان: الطائفي

نشر في 22-06-2013
آخر تحديث 22-06-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان الفتنة الطائفية لا صوت لها يُسمع، ولا وجه يُعرف، وتتسلل إلى كل مكان، هي فوضى عارمة شياطينها كثر، وإن هي حلت بمجتمع جعلت أعزة أهله أذلة، لأنها خراب يبنى على خراب ولا يؤدي إلا إلى خراب.

تأسيساً على سبق أقول:

إن الطائفي مبتور الساقين لا يسير، ومغلول اليدين لا يقدم، وبالتالي نجده متخلفاً أشد ما يكون عليه التخلف عن ركب الحضارة، الأمر الذي يجعله عاجزاً تمام العجز عن التأقلم معها، لأن الأخيرة تريد من يسير معها ويواكبها في المسير، ويقف في محطاتها حينما تقف هي، كما أنها تريد من يعمل معها ويخلص في العمل، إذن بالتأكيد هو -أي الطائفي- يرفضها ويعزل نفسه عنها في كهفه المظلم.

وفي كهفه المظلم الرهيب، يبدأ بصنع عالمه الخيالي، معتقداً بدافع من فكره الأجوف، أن العالم الذي يقوم بصناعته، عالم واقعي، يجب على الآخرين الدخول فيه قسراً.

ومن حيث أن الحضارة التي نراها ويراها من هو قابع في كهفه المظلم، لم تصل إلى ما وصلت إليه من إبهار، لولا فضل العقل عليها، فهو الذي قادها إلى أن أوصلها إلى مرحلتها المتقدمة هذه.

ومن حيث أن الطائفي مهزوم أمامها لا محالة، ولن يكتب له النجاح ما لم يحث على محاربتها، تمهيداً لهدمها، لكي يعزف مزامير الظلام على أطلالها في نهاية الأمر.

إذن لابد من تغييب العقل، عن طريق محاربته وعزله، وإحضار العاطفة لتحل محله، وتقف في موقفه، لكي تصبح الموجه الأول، وإذا ما حضرت العاطفة وتقدمت الصفوف، انتهى دور العقل الذي سيتراجع إلى الصفوف الخلفية رغماً عنه، بل إنه سيكون مهاناً فاقداً الاحترام.

**

 بعده تبدأ جموع الطائفي بالتحرك نحو المجتمع، لتبذر في إقليمه بذور الطائفية، وتقوم بحماية البذور وسقايتها، إلى أن تصبح أشجاراً تطرح ثمراً يعاون الطائفي على إكمال مسيرته نحو الهدم.

كما أن الطائفي، وهو بصدد فرض أجندته على الآخر قسراً، يحاول في الوقت ذاته خلق جبهة طائفية مضادة، تبرر وجوده وتحافظ على استمراره، لأن الفكر الطائفي لا يبرر وجوده سوى الفكر الطائفي المضاد، وإذا ما اكتمل نصاب الطائفية بدأ الصراع.

وإذا وقع الصراع الطائفي العنيف، ضاعت الحقيقة، ليصبح الظالم مظلوماً، والأخير ظالماً، فتكثر الجنايات، وتنتشر أبشع الجرائم، وتتبخر الرحمة من قلوب المتصارعين، لأن كل فريق لديه من المبررات ما تدفعه إلى الانتقام من الآخر من دون شفقة.

والصراع الطائفي على أمد التاريخ، يستعصي على الحل، بل إن الحلول مفقودة في مثل هذه الظروف، لأن خطابه الذي يرفعه هذا ويلوح به ذاك، خطاب مبهم مناف للعقل، الأمر الذي يجعل الأجيال تضيع من جراء الصراع الكامن بين الرفع والتلويح.

** نافل القول...

الكويت "بلاد العرب"، وستظل إن شاء الله قبلة لكل رجل شريف يقصد العمل الشريف، دولة قانون ينعم بها المواطن والوافد على حد سواء، كما أنها وبحزم، ستسقي بذور الطائفية إن وجدت بمياه بحرها المالحة، لكي تموت البذور في مكامنها قبل أن تزهر بزهرها العفن، فالكويت وشرائح المجتمع فيها سيتصدون لكل فكر طائفي مقيت يريد أن يبث سموم فكره الأجوف في هذا البلد الجميل محاولاً إدخالها في دائرة الصراع الطائفي.

الكويت حتماً لن تسمح بذلك، ولن تتهاون أمام ذلك، وستقضي على من يتجرأ على ذلك... والسلام.

back to top