حوار الطرشان: حديث الكبار

نشر في 15-06-2013
آخر تحديث 15-06-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان في الساحة الترابية التي تتوسط الشبك والإسطبل والمحصار اجتمع الجمل والحصان والخروف من أجل تجاذب أطراف الحديث من ناحية، وللوقوف على القضايا التي تهمهم من أجل إيجاد الحلول لها من ناحية أخرى.

ومقرر الجلسة في الاجتماع هو "التيس" يسجل ما يدور من مناقشات؛ لأن قانون الكبار يتطلب توثيق الاجتماع بمحاضر يمكن الرجوع إليها عند الحاجة.

أما وقت الاجتماع فلا يكون إلا قبل غروب الشمس بساعة، وينتهي عندما يتوارى قرص الشمس من وراء الأفق البعيد نحو الغروب.

* افتتحت الجلسة وتحدث الجمل قائلاً: أنا سفينة الصحراء، ومتحمل المشاق، والصابر الذي لا يشرب الماء إلا بعد حين، من أجلي تقاتلت القبائل، ومن أجلي أيضاً تغنى الشعراء، أضف إلى ذلك أن الله سبحانه ضرب بجمال خلقي مثلاً، حيث قال تعالى "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت", ومن كانت هذه صفاته فلا بد أن يحصل على العيش الكريم والسعة, لذلك أطلب منكم الموافقة على توسعة مسكني الذي لا يكاد يسعني وعائلتي.

* قال الحصان: أنا مطية الشجعان من الفرسان، وأنا موضع الاهتمام في ميادين الفروسية، ومن كلمة "الفرس" اشتقت "الفرسان" و"الفروسية"، وأنا من يخوض غمار المعارك من دون تردد، جمالي خلاب، وقيمتي مرتفعة، أضف إلى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عني "الخيل في نواصيها الخير"؛ لذا سأطلب كالذي طلبت بل سألح في الطلب من أجل الموافقة في هذا الاجتماع.

* وكان المتحدث الأخير، الخروف الذي قال: أنا القيمة التي لا يستغنى عنها بأي حال، لأن فوائدي كثيرة، ومنافعي متعددة، فالأيتام تشرب من حليب أغنامي، وتكتسي في زمهرير البرد من صوفي، وأنا من قال عنهم سيد البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام "الغنم بركة" لذا سأطلب كما طلبتم.

* وفي هذه الأثناء ظهر عليهم الإنسان يجر خطاه من بعيد، فقال الجمل الزموا الصمت حتى يتوارى "زوله" بعيداً عنا، وإياكم وإثارة الجلبة، حتى لا يسمع ما تقولون، ولا يفهم مقصود ما تريدون، اصمتوا حتى يحول بينه وبيننا ما يمنعه من الاستماع إلينا، وعندما اختفى غير المرغوب فيه.

* قال التيس: أنا لست عضواً في مجلس الإدارة، إنما مجرد مقرر ليس له صوت معدود في الجلسات، لكن اسمعوا مني مجرد قول غير ملزم: "إن المخلوق الذي توارى عنا بعيداً، لا تمنحه الدولة سوى أرض مساحتها الإجمالية 400م وليته يحصل عليها دون انتظار، أو أن تكون مدة الانتظار غير مبالغ فيها، بل هي مدة طويلة وطويلة جداً، وخلال فترة الانتظار المملة هذه يتحمل ما لا يتحمله مخلوق غيره، فالأجرة التي يدفعها مقابل سكنه المؤقت تقتص ثلث راتبه، والاقتصاص يكون مردوده سلبياً على أوضاعه المعيشية، الأمر الذي يجعله مضطراً للاتجاه نحو مستنقع القروض، الذي ما إن يدخل فيه حتى يتيه، فتكثر عليه المشاكل، وتحاصره المدلهمات من الأمور، وتوصد في وجهه أبواب الفرج عند البشر، فأرجو منكم أن تؤجلوا إصدار القرارات المراد اتخاذها حتى يحين الوقت المناسب لإصدارها".

قال الكبار: نحن مصرون على اتخاذ ما يهمنا من قرارات، ولكن نظراً لظروف المخلوق الذي تحدثت عنه بحرقة، سنقوم بالتأجيل حتى تتهيأ الظروف.

فشكر المقرر أعضاء مجلس الإدارة على سعة صدرهم وتفهمهم... والسلام.

back to top