إضرابات الكوادر المالية

نشر في 07-04-2012
آخر تحديث 07-04-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. عبدالله محمد الوتيد أعلنت الحكومة الكويتية في الأسابيع الماضية كادرا موحدا لجميع موظفي الدولة زيادةً في رواتبهم بنسبة ما بين 20-25% مما أثار زوبعةً من الإضرابات العمالية في قطاعات عديدة كالجمارك والطيران وموظفي الأشعة والمختبرات في وزارة الصحة، مطالبين بكوادر مالية أسوة بالقطاعين النفطي والتعليمي.

تعطلت المرافق الحيوية، ومنعت السفن من تفريغ شحناتها التجارية، وتوقفت الطيران عن الحركة، والبريد الدولي في شلل تام، وشحّت المواد الغذائية والطبية، وحدث غلاء مُتسارع في الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية.

في ظل هذه الإضرابات والتعطل في الحياة المجتمعية والإيذاء الاقتصادي والاجتماعي والسيكولوجي لم يتغير أسلوب العمل الحكومي في التعامل مع الأزمات والظروف المخلّة بحياة المواطن والوطن. تصريحات حكومية متكررة باستخدام الجيش والشرطة، حزمٌ في الكلام وعزمٌ على المسير في توجيهاتهم التي وضعوها ولا تنازل عنها مهما كانت الظروف.

اجتماعات مع مجاميع تطوعية اعتمدت على الفزعة الوطنية والحس بالمسؤولية المجتمعية، وفي نهاية المطاف لا ترى أي نتيجة تذكر لحل المشكلة أو أدوات رسمية حكومية استخدمت في التعامل مع تعطل الحياة في الكويت، إذن "لا طبنا ولا غدا الشر" كما يقول المثل الكويتي، وها هو النهج الحكومي الذي كنا نأمل أن يتغير باقٍ في مساره وخطوط السابقة.

إن نجاح أي حكومة وقدرتها على الإدارة في تسيير حياة المواطنين يعتمدان على ما تضعه من برامج وخطط آنية ومستقبلية واضعين في الحسبان سيناريوهات عديدة تستطيع من خلالها استشراف ما سيحدث في كل حالة من حالات التعاملات الإنسانية والممارسات البشرية.

المشاهد الفطن والمتتبع منذ أشهر عديدة يعرف أن الكويت مقبلة على أزمة كوادر مالية، وليس أزمة إضرابات عمالية لديها مطالب وظيفية حقيقية مرتبطة بطبيعة الأعمال المبذولة. فنتيجة للتخبط الحكومي في إقرار كادري المعلمين والقطاع النفطي سالفاً، حيث أعطت الحكومة دون إنصاف مبرراً لهذين القطاعين إضافات كبيرة، في حين أنها أحجمت بعد ذلك هذا العطاء الجزل عن شرائح وفئات عمالية أخرى، مما خلق نقمة على الحكومة واستخفافاً بعطائها الحالي المتواضع الذي لا يرقى بأي شكل من الأشكال للكادرين السالفي الذكر، هذه هي المعضلة الرئيسة لحقيقة الوضع وطبيعة الأمر.

كنا نعتقد أن الحكومة الجديدة استوعبت الدرس الخاص بالكوادر المالية، فهي مازالت إنشائية في تعاملاتها مع أزماتنا وإضراباتنا، ولم تستفد من الوقت بين إضرابات أكتوبر ومارس. أين خبراؤهم ومستشاروهم؟ لماذا إلى هذه اللحظة لم نر خطط طوارئ حقيقية وفاعلة تضع في الحسبان احتمالية رفض أي مقترح مقدم لزيادة الكوادر والرواتب المالية لموظفي الدولة من قطاع أو آخر؟

فرق الطوارئ ليس بالضرورة أن تكون مشكلة أو متلازمة فقط مع التعاملات الأمنية في حالات الشغب والفوضى المجتمعية أو طوارئ المياه والكهرباء. فرق الطوارئ يتوجب إنشاؤها في كل مرفق من مرافق الدولة أو جهاز من أجهزتها، فأساس عملها التحقق من استمرارية الخدمات المقدمة للمواطنين وعدم انقطاعها إذا ما بدت في الأفق أزمة قادمة أو على مصائر الخلق جاثمة. فتتحرك هذه الفرق بسلاسة مشهودة في ظل خطوات وعمليات وأطرٍ محسوبة ومدروسة تقلل في سعيها من حجم الأثر المعطِل لحياة الناس والشلل المتمكن من المؤسسات والهيئات الحكومية.

اعتقادنا إلى هذه اللحظة أن كثيراً من الأجهزة الحكومية لا تضع في الحسبان الرد على السؤال التالي: ماذا لو حدث كذا وكذا؟ فكيف سيتصرف الجهاز الحكومي لحل المشكلة في حال وقوعها؟

back to top