العقوبات لن تردع إيران والتدخل العسكري أمر حتمي!

نشر في 20-10-2012
آخر تحديث 20-10-2012 | 00:01
تُجمع معظم الدول أو الحكومات على أن الإمكانات النووية التي يمكن أن يكسبها النظام الديني في إيران خطيرة جداً حتى في ظل عالمٍ لا يمانع حصول عائلة كيم في بيونغ يانغ على إمكانات مماثلة.
 ناشيونال بوست   لم يظن الكثيرون أن عالم "الدمار المتبادل المؤكد" قد يبدو يوماً زمناً سليماً وإيجابياً، لكن الفترة التي ظهر خلالها فيلمDr. Strangelove الشهير الذي تناول الأزمة النووية، حصرت نادي الدول النووية ضمن نماذج مثالية للأحداث المتوقعة إذا قورنت بمدى غرابة اللاعبين الراهنين والمحتملين اليوم.

في المقام الأول، إذا كان مقبولاً أن تحصل كوريا الشمالية على أسلحة نووية (من دون ذكر باكستان التي أصبحت أرضاً خصبة لحركة "طالبان" وملجأً آمناً لها)، كيف يمكن أن يحرم العالم أي بلد آخر من الأسلحة النووية؟ مع ذلك، تُجمع معظم الدول أو الحكومات على أن الإمكانات النووية التي يمكن أن يكسبها النظام الديني في إيران خطيرة جداً حتى في ظل عالمٍ لا يمانع حصول عائلة كيم في بيونغ يانغ على إمكانات مماثلة.

لهذا السبب، تشارك دول عدة، من أوروبا إلى الشرق الأقصى، في فرض العقوبات الاقتصادية على نظام طهران. من جهة، هي تقوم بذلك كمبادرة رمزية للدلالة على عدم موافقتها على حصول الملالي على سلاح نووي. ومن جهة أخرى، إنها مبادرة عملية للحث على تغيير السياسات المطبقة.

بغض النظر عما يمكن أن تحققه المبادرة الأولى (أشك في أن تحقق الكثير)، قد تحقق المبادرة الثانية أمراً مهماً شرط أن تكون العقوبات واسعة النطاق ومشددة بما يكفي وأن تدوم لفترة كافية. كي تنجح العقوبات، لا بد من حصول أمر من ثلاثة قبل أن تطور إيران إمكانات فعلية لتصنيع سلاح نووي:

1- يجب أن يغير الحكام الدينيون في طهران رأيهم وسياساتهم وأن يقتنعوا بأنهم لا يحتاجون إلى أسلحة نووية وأن يتخلوا عن مساعيهم. (فرصة حصول ذلك معدومة).

2- يجب أن يقتنع الشعب الإيراني بأن طموحات حكّامه هي مصدر مشاكله، وأن يثور ويغيّر القادة الفاسدين. (قد يحصل ذلك وقد لا يحصل).

3- يجب أن تؤدي العقوبات وحملات المقاطعة والضوابط المفروضة من المجتمع الدولي إلى انهيار اقتصادي وإداري تام في إيران. (يمكن حصول ذلك على المدى الطويل، لكنه أمر غير محتمل قبل تصنيع أسلحة نووية).

نظراً إلى ضرورة حصول هذه الأمور قبل أن تتمكن العقوبات من تحقيق النجاح ونظراً إلى أنها احتمالات مستبعدة، ستفشل العقوبات على الأرجح. مع ذلك، لا بد من تجربة هذا الخيار لأن الناس يترددون في خوض الحرب لحسن الحظ. على الرغم من سوء وضع العالم، فإنه سيزداد سوءاً إذا تحمس الناس لخوض الحرب.

في غضون ذلك، لن يكتفي الملالي بالصلاة حتى يتحسن وضعهم (رغم تديّنهم). بل إنهم سيعيدون احتساب المخاطر وسيستنتجون حتماً أنهم إذا تخلوا عن طموحاتهم النووية، فهم لن يفقدوا الأمل بالهيمنة على المنطقة والعالم فحسب، بل إنهم سيخسرون أيضاً الاحترام محلياً حيث يُعتبر الاحترام (لا بل الخوف) العامل الذي يضمن صمودهم. لذا يبدو احتمال أن تحقق العقوبات هدفها الأولي (تغيير سياسة الجمهورية الإسلامية) مستبعداً أو حتى شبه معدوم.

في ما يخص الخيارين الثاني والثالث (الثورة ضد الملالي النوويين أو الانهيار الاقتصادي التام)، فهما ليسا مستبعدين بالقدر نفسه ولكنهما لن يتحققا قريباً.

 لا يثور الناس بسهولة ضد الأنظمة الدكتاتورية الوحشية، ولا سيما حين يبرر القادة السلوك القمعي بغطاء أخلاقي وروحي كما تفعل الأنظمة الاستبدادية الدينية، كذلك، لا يمكن التأكيد أن الشعب المعذّب سيلوم الحكام الدينيين الإيرانيين على قساوة العقوبات، بل إنهم قد يلومون الشيطان الأكبر والأصغر (الأميركيون واليهود). في ما يخص الانهيار الاقتصادي التام، يصعب التعويل على ذلك. يمكن أن تكون الدول مرنة ومقاوِمة في وجه المشقات.

إنه رأي المدافعين النافذين عن خيار العقوبات الاقتصادية أيضاً، مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، فكتب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والصحافي كليفورد ماي: "يشير تحليلنا الأخير إلى أن إيران تملك ما يكفي من احتياطي النقد الأجنبي خلال سنتين أو أكثر لتجنب الانهيار الاقتصادي. إنه وقت طويل وسيكون كافياً كي يتحول البلد إلى قوة نووية فاعلة، فهل يمكن أن تُحدث العقوبات المشددة فرقاً حقيقياً؟ ما زلنا نشك في ذلك، ولكننا نكثف عملنا مع الكونغرس والمسؤولين في أوروبا وحكومات خارجية أخرى لمعرفة ما يمكن فعله في هذا الصدد".

بالنسبة إلي على الأقل، الرسالة واضحة، فيجب منح العقوبات جميع الفرص الممكنة كي نتمكن من التأكيد أننا بذلنا قصارى جهدنا لتجنب الحرب حين يصبح التدخل العسكري حتمياً. إنها خطة جيدة ولكنها لن تنجح، فحين يقع المحظور، مهما حاول الغرب تجنب ذلك، ستعلو بعض الأصوات التي توجّه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة وكندا أيضاً لأنهما لم تبذلا ما يكفي من الجهود.

أنا أعتبر التدخل العسكري أمراً حتمياً لأنني لا أتصور أن نظاماً استبدادياً ووحشياً ودينياً يعتبر نفسه فاضلاً يمكن أن يتخلى عن طموحاته النووية، ويستحيل أن يسمح العالم بحصول ذلك من دون إطلاق تحدٍّ عسكري، لكن يسهل أن أتصور عدم حصول تحدٍّ مماثل في الوقت المناسب لمنع حدوث عواقب أكثر خطورة، أتصور أن الناس الذين يكنون أفضل النوايا لن يلجؤوا إلى استعمال الأسلحة قبل أن يفوت الأوان على ذلك، وبالتالي يصعب تحقيق النتائج التي كانت متوقعة لو حصل الانتشار العسكري في الوقت المناسب وبكلفة متدنية نسبياً.

 يسهل تصور هذا الواقع لسوء الحظ، فكل ما هو مطلوب لتحقيق هذا السيناريو التشاؤمي هو وجود إدارة أميركية خجولة أو مرتبكة أو مضلَّلة أو مخطئة كتلك التي سينتخبها الناخبون الأميركيون مستقبلاً أو تلك التي يوشكون على انتخابها خلال بضعة أسابيع.

George Jonas

* ألف 16 كتاباً، بما في ذلك كتابان حققا أعلى المبيعات: "الانتقام" (Vengeance) في عام 1984، و"من أشخاص مجهولين" (By Persons Unknown) (مع باربرا أميال في عام 1977). وحصد عدداً من الجوائز الإعلامية في كندا وفي الخارج من بينها جائزة إدغار آلان بو عن أفضل كتاب واقعي (نيويورك، 1978).

back to top