مشاهدات في السلوك الكويتي... صناعة الكراهية

نشر في 07-07-2012
آخر تحديث 07-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. عبدالله محمد الوتيد لسنوات عدّة تفاقمت أساليب السباب والسباب المتبادل بين جميع الفئات المجتمعية في الكويت، حيث أصبحت عادة متبعة بين الناس وسنّة قائمة في ممارساتهم الإنسانية، وبعض كتاّب المقالات اليومية أضحت كتاباتهم مفعمة بالقذف الواضح والسبّ المتعمد.

الأخبار الصحافية والقنوات الفضائية تدون هذه الإساءات وتتناقلها بين قرائها ومشاهديها باستمرار، معتمدة في ذلك على مفهوم الإثارة الإعلامية كأفضل طريقة لجذب زبائن الخبر وطالبي المعلومات. كما لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الاتصال الاجتماعية في الآونة الأخيرة، حيث أضحت الوسيلة المفضلة في نشر أشكال التراشق اللفظي بين أفراد المجتمع وطوائفه العديدة دون تعرف في بعض الأحيان على المتسببين في هذه الفِعلة.

أساليب السباب والقذف البذيء للآخرين أسلوب تحقير إنساني يستخدمه فرد ضد آخر، قاصداً في مضمونه خدش كرامة الآخرين والإساءة المتعمدة لشخوصهم، وما قد يمثلونه من تشكيلات إنسانية مجتمعية عرقية كانت أو دينية أو فكرية.

أسلوب التقاذف الشخصي يبّين قلة حيلة الإنسان في الرد على الآخرين، وعلى أفكارهم وأطروحاتهم المختلفة، فيلجأ إلى هذا الأسلوب لمحاولة تحقير الآخرين مقابل الأفكار والقضايا التي مسّت مكانة ومنزلة هذا الفرد، فأدت إلى ضعضعة موقعه الاجتماعي والإنساني.

أسلوب السباب والقذف اللفظي يعتبر من أرخص أساليب الدفاع الإنساني عن النفس، فهو لا يتطلب غير ألفاظ سوقية بذيئة وإشاعات مختلقة وأكاذيب يسطرها على مسامع العامة، تكمن المشكلة الحقيقية في المجتمع عندما تتبنى الجماعات المشكّلِة له أسلوب التراشق اللفظي ليكون إحدى وسائلها وطرقها في التعامل مع بعضها، بل قد تجعله الصيغة المفضلة في التعامل مع الجماعات الأخرى.

هذه الظاهرة إن تفشّت في المجتمع فإنها لا محالة ستؤدي إلى بناء حواجز نفسية بين فئاته عمادها وأساسها مشاعر سلبية كالكراهية والبغضاء والعداوة، ونتيجة لهذه المشاعر السلبية سيبدأ الأفراد بالتمحور حول تشكيلاتهم الأولية الضيقة كالقبيلة أو الطائفة أو الحزب، ويتناسون جماعة المجتمع والوطن الأم لتكون بديلاً لهم, وحماية لهم ولمصالحهم وتلبية لاحتياجاتهم.

وهنا، وفي المحصلة النهائية تسقط أولوية الاهتمام ببناء المجتمع لتأخذ مكانها وبديلا عنها أولويات كيف نتقاذف ونتراشق لفظيا، وكيف نعطل أي آليات تعاون ممكنة بين فئات المجتمع وأطيافه، وكيف نتحزّب ضد المخالفين لنا إذا ما استدعى الأمر، أو إذا ما تطلب الوضع أن نتسلحّ بعتاد ومعدات عسكرية نستخدمها في أي لحظة للدفاع عن أنفسنا، إذا ما جاءت لحظة المواجهة العسكرية المرتقبة.

أقولها وكلي إدراك لما سوف يؤول إليه الاستمرار في بناء أطر الكراهية في الوطن الواحد، انظروا إلى لبنان والعراق والسودان. أليست الكويت تنتهج هذا النهج وعلى الدرب سائرة في هذا الطريق؟ فهل من عاقل وحكيم يعطل ويقطع طريق الفناء ومسار الانتكاسة؟ فما عساي إلا أن أقول:

أيا شارباً كأس اللظى

إتهونُ الكويتُ عليك تهون

افتحي آلامي معاناتـي

في فكرك عيبا وجنـونْ

افتحي الحسـرةَ يا ويـلي

في شرعـكَ شكٌ وظنونْ

أسياسةُ قومكَ هيْ فتـويْ

وسياسةُ قومي ضحكُ ذقونْ

back to top