جدو حبيبي... مرحباً لبنى وشكراً ياسين

نشر في 06-02-2012
آخر تحديث 06-02-2012 | 00:01
 محمد بدر الدين روح الفكاهة في فيلم «جدو حبيبي»، من دون أن تتحول إلى فكاهة صارخة أو صاخبة، لا بد من أنها تذكر لبنى عبد العزيز، المشاركة في بطولته، بأنها قدمت نوعية تقترب من ذلك قبل أكثر من أربعة عقود، في أفلام أخرجها فطين عبد الوهاب قطب السينما الكوميدية الأكبر في كل تاريخ السينما المصرية، مثل «آه من حواء» و{عروس النيل».

الحق أننا كنا وما نزال فيما يشبه «حالة ترقب»، تنتظر نوعية سينما تمتعنا فنياً ودرامياً من نوع سينما فطين عبد الوهاب! فحينما ظهر المخرج محمد عبد العزيز في السبعينيات الماضية وقدم فيلم «دقة قلب» و{المحفظة معايا»، قال متذوقو السينما المصرية: لقد جاءت سينما تذكرنا بسينما فطين، وعبد العزيز هو امتداده». لكن لم يلبث أن ارتبك مسار سينما المخرج الجديد بل تجاذبته نوعيات سينمائية أخرى لم يترك فيها علامات بارزة، ونظن أن علي إدريس أحد المخرجين الذين توسمنا فيهم الأمر نفسه، وقد شكّل مع الكاتبة السينمائية زينب عزيز، شريكته في الفن والحياة، ثنائياً بدا مراراً قادراً على تقديم سينما تتضمن طابعاً مرحاً وروح فكاهة من غير صخب أو سخف أو إسفاف، وبتمكن حرفي واضح، ما يذكر بسينما فطين، خصوصاً «جدو حبيبي» أحد الأفلام التي بدأت بها عروض سينما 2012 المصرية.

مع ذلك  فنحن  لا نزال نقول «تذكر بها»، أكثر مما نقول «على مستواها»! حتى إشعار آخر، وعلى أمل في أن نستطيع يوماً أن نردد القولين معاً! يكاد يبدو فيلم «جدو حبيبي» كمسرحية من فصلين، نتابع خلال الفصل الأول منهما تطور العلاقة بين الجد حسين (محمود ياسين) وحفيدته فكرية التي تفضل أن تنادى باسم التدليل العصري «فيكي» (بشرى)، وهي علاقة تبدأ بعودة الحفيدة من لندن حيث نشأت وتعمل في «البورصة»، لأن جدها المريض في المستشفى بحاجة إليها، وهو يطلب عودتها ويفكر فيها باعتبارها الوحيدة الباقية من أهله،  ومن جهتها هي تفكر فيه ابتداء باعتبارها الوريثة الوحيدة له، وهو الثري كما تتأكد كلما مر الوقت. لكن لم تلبث أن تتطور العلاقة تدريجاً بأن يتعلق كل منهما بالآخر، والرجل المسن يسترد عافيته، بينما تبدأ الفتاة الشقية المرحة في محاولة أن يستعيد جدها صلته بحبيبته القديمة في سن الشباب «ليلى» (لبنى عبد العزيز) كي تجلب مزيداً من السعادة «للجد الحبيب». هنا يبدأ «الفصل الثاني».

يدور معظم هذا الجزء في بيت ليلى في الفيوم حيث نتعرف إلى حفيدها «أدهم» الذي يكاد يدخل في زيجة من نوع الزيجات التقليدية أو «جواز الصالونات» كما يقول الفيلم، أي من دون إحساس أو مشاعر حب حقيقية. كذلك تركز الأحداث في هذا «الفصل» على المعنى الذي تقوله ليلى لحفيدها في مشهد من أفضل مشاهد الفيلم تمثيلاً للبنى وحواراً لزينب عزيز، وفي المشهد كما في الفيلم تستعيد السينما المصرية لبنى، إحدى أشهر وأسطع نجماتها بعد غياب لعقود، تقول له: «إن الزواج مع الحب شيء آخر تماماً غير الزواج من دونه... الحب أحاسيس لا يعوضها شيء أبداً، ولا يماثلها شعور يوماً. أجد سعادتي الآن حتى في مجرد تذكر لحظات قديمة مع حسين. أنا التي حرمت من الزواج منه وارتبطت «بزواج صالونات» وكل عائلتي أيضاً! أرجوك لا تكرر خطأنا». يعيش حسين بدوره لحظات السعادة الأخيرة في  حياته، وهو على مقربة من حبيبة حياته وحب عمره! إنه لا يريد شيئاً آخر بعد ذلك ولا حتى الحياة نفسها!

الفيلم، على بساطته، تحية حارة صادقة مليئة بالحب الجميل، خصوصاً مع إبداع محمود ياسين، الذي أصبح يملك منجماً مدهشاً من التعبير والأداء المرهف في كل مشهد بل كل لقطة، إنه يعزف بأدائه عزفاً راقياً ويستمتع بفنه فيمتعنا.

نفرح مجدداً برؤية لبنى على الشاشة، وبـ{الكاريزيما» التي تتسم بها، والإخلاص للفن والجمال الداخلي الذي يشع من أدائها وروحها، في دور يليق بعودتها، والأدوار لا تقاس بحجمها وإنما بتأثيرها، ومفتاح الفيلم يأتي على لسان شخصية «ليلى» التي أدتها باقتناع وإقناع.

بقية الممثلين جميعاً أدوا جيداً في حدود المطلوب. كذلك يؤكد الفيلم طموح الممثلة الشابة بشرى، وعليها باستمرار أن تطور من أدائها وتزداد تمكناً لتقديم أدوار متنوعة. فضلاً عن ذلك، أكد روح وطابع وإيقاع الفيلم تصوير أحمد عزيز ومونتاج ماجد مجدي وموسيقى تامر كروان، وإن تميز بوضوح ديكور محمد أمين، خصوصاً في بيت الجد حيث الذوق والطراز الكلاسيكي القديم، وامتزاج مقتنيات نادرة ثمينة بأخرى بدأت تزول مع الزمن. وما زلنا في حالة ترقب المقبل من سينما علي إدريس وزينب عزيز!

back to top