رمضان الربيع العربي

نشر في 30-07-2011
آخر تحديث 30-07-2011 | 22:01
No Image Caption
 فراس خورشيد    «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون». الإمام الصادق (ع).

 فما بالنا إن كان اليوم التالي من أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس، الشهر الذي أولاه الإسلام أهمية خاصة من حيث فروضة وأحكامه، وواجباته ومستحباته، فهو ذو ميزات روحية وسلوكية، فسلوكياته الحاضة على التواصل والتزاور والبذل والعطاء ظاهرة إلى اليوم، وأما السلوكيات المتعلقة بلجم جماح الأنفس الأمارة بالسوء يَظهر بُعدها عن المجتمع بتصييره شهر المسلسلات والمأكولات والملبوسات وحدّث فيها بلا حياءٍ ولا حرج، ولا ننسى السهرات الرمضانية المباركة وخيامها!

وأما الميزات الروحية المتعلقة بالارتباط بالله وعظمته وأثرها في تخلية النفس من مساوئ الأخلاق وتحليتها بمحاسن الأخلاق، من خلال ما يفتحه ذاك الارتباط بالله من أوجه للتفكر بالعظمة والسعي إلى الوصول إلى الكمالات الممكنة للإنسان، فنحتاج للبحث عنها بحث من شارف هلاكه عطشاً عن قطرة الماء، في خضم هذه المتلاطمات اللا أخلاقية التي تعصف بصبغتنا الإنسانية والأخلاقية والدينية.

 وللأسف كثيراً ممن ينبغي لهم أن يكونوا دالين على سبيل الصلاح أصبحوا معاول تشوه صورة الإسلام، وسوسا ينخر في بنيان مجتمعهم، وكل يوم يتضح أكثر بعدهم عن روح الإسلام، وما اتباعهم له إلا من باب العصبية الجاهلية التي لا تقوم لا على بينه ولا دليل ولا فكرٍ ولا خلق، فتناقضات سلوكياتهم ومبادئهم تدل على بعدهم عن الحق، فما اختلافهم إلا لبعدهم عن دين الله «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا».

وإن كان كل بعدنا عن أخلاقياتنا في السابق وضع على عاتق الحكام وحواشيهم وشهواتهم ونزواتهم وما يريدونه ويفعلونه، وعلى علماء السلاطين الذين يسخرون الدين لخدمة ولاتهم، أو الغرب وغزوه الفكري أو السلوكي، فالعرب اليوم يعلنون التحرر من دائرة خوف ورهبة الحكام والإرادات الغربية، ويواجهون عبودية الرهبة وأسرها ورصاصاتها ومدرعاتها بصدورٍ عارية، أفلا يستطيعون بالمقابل مواجهة الأبالسة بألسن وقلوب صادقة تلهج بذكر الله حتى يخرجوا من هذا الشهر وهم أفضل حالاً وأقوى روحاً؟

إن «الربيع العربي» يعطي شهر رمضان الذي نخطو إليه رائحة «بدرية»، حيث يرتفع اليوم كما في السنة الثانية للهجرة لواء عدلٍ ولواء ظلمٍ، لواء حرية مقابل عبودية، لواء الحق يجابه لواء الباطل، فيفترض به أن يقودنا إلى رؤية أعمق للواقع والحقائق، وبالأخص لأولئك الذين يجابهون الموت في كل لحظة ومن ينشط في نصرة الحق.

وكل ما نحتاجه لإحداث التغيير في أنفسنا ومجتمعاتنا الإيمان بقدرتنا، ووجود الفكرة ثم القرار، فالإرادة والعزيمة والمبادرة للعمل، والإصرار على بلوغ هدفٍ سامٍ.

back to top