أين هو... لأجيبه؟

نشر في 16-04-2011
آخر تحديث 16-04-2011 | 00:00
 حمد بدر الزمامي مازلت أذكر سؤال زميل لي في المرحلة المتوسطة، السؤال الذي أدهشني جداً حينها، جاء بعد حصة مادة التربية الإسلامية التي واصل مدرسها محاولاته في زرع مفاهيم التعايش السلمي وقيم تقبل الآخرين التي يتحدث عنها الإسلام دين السماحة... سؤاله العرضي جاءني على حين غرة حين سأل «من أي طائفة أنت؟»

ببساطة لم أعرف كيف أجيبه، حينها كنت طفلاً صغيراً يعرف أن دينه هو الإسلام فقط، وأجبته ببراءة بأني مسلم ولا أعرف غير ذلك شيئاً.

واليوم بعد أن انقضى نصف قرن من الحياة، وبعد أن حاول الواقع زعزعة تلك القيم التي غرست فينا، بدوت كالذي يمشي على حبل رفيع بين حافتين، يتصبب عرقاً وخوفاً من سقوط قناعاته الإنسانية في هاوية اللارجعة السحيقة. أصبح الإنسان منّا يجاهد من أجلها في صراع يومي ما بين الإيمان بها والتخلي عنها، أعتقد أنه تعريف جديد للجهاد.

لا أعلم لماذا قفز إلى عقلي اللاواعي هذا الموقف، في حين كان الدكتور واين بروكبانك، يلقي علي أنا وزملائي في العمل، محاضرته الأخيرة لنا في القيادة وصفات القائد. سرحت في هيئة نصب لينكولن الذي كان يرمق شعلة بداية حركات المطالبة بحقوق الإنسان في أميركا، مارتن لوثر كينغ، تلك الشعلة المؤمنة بهدف واضح وقيم سامية، من حرّك بهذا الشيء الصادق ما يقارب نصف المليون نسمة في خطابه الشهير، «لدي حلم».

غاندي كذلك كان مثالاً آخر للقيادة، قرر الصوم عن كل شيء، فقط ليصل إلى السلام بين المسلمين والهندوس في تلك الحقبة من تاريخ الهند.

قال الدكتور، إن الاثنين قائدان تعاملا مع أوضاع مجتمعاتهما بسلام، السلام ذلك السلاح الذي يجهل استخدامه الكثير، به وصلا إلى ما آمنا به وخلّدا في التاريخ أمثلة رائعة له.

تمنيت بعدها أن تجمعني الحياة بزميلي ذاك مرة أخرى، لأخاطب الطفل البريء فيه، لأجيبه بأني إنسان قبل كل شيء، لأذكره بأنه يجب أن يتعايش مع الآخر ويتقبله، فليس من الضروري أن يتفق مع قناعاته ومرجعياته، لكن الضروري جداً هو ألا يسفهها مهما كانت.

فن التعايش في مجتمع إنساني مختلف المشارب والطوائف ليس سهلاً، لكنه الشيء الذي يحاول المؤمن به أن يسحب طرفي النزاع والاختلاف إلى منطقة وسطى هادئة.

تذكرت كل هذا، عندما انتهيت من قراءة كتاب سيرة مارتن لوثر كينغ، وقلت لغلافه، حتى أنا أملك حلماً، ألا تموت فينا الإنسانية ونستمر ننشد للسلام جنباً إلى جنب، بعيداً عن التفرقة بكل ألوانها.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top