الداهية أحمد الفهد

نشر في 26-10-2010
آخر تحديث 26-10-2010 | 00:01
تتضح قدرة الشيخ أحمد الفهد على بناء علاقات مع الجميع في وجوده في أغلب المناسبات، وكأنه موجود في كل مكان، فهو يطير صباحاً في مهمة رسمية، ويعود ظهراً إلى اجتماع وزاري، وعصراً تجده يرعى حفل «مزاين الإبل»، ومساءً تجده في ندوة، وقبلها يكون قد حضر مجموعة من المناسبات الاجتماعية.
 د. صلاح الفضلي الشيخ أحمد الفهد، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا فلابد أن نعترف أن الرجل يمتلك قدرات غير عادية أهّلته للعب دور كبير في الساحة المحلية، وستؤهله مستقبلاً للعب أدوار أكبر وأخطر في المستقبل. إحدى قدرات الرجل غير العادية هي قدرته على تكوين شبكة عنكبوتية من العلاقات العامة لها أول وليس لها آخر، ومن كثرة هذه العلاقات يخيل إليك أنه يعرف الكل والكل يعرفه، وللرجل قدرة عجيبة على التعامل مع الشرائح كافة، فهو يتعامل مع أهل البادية وكأنه عاش طول حياته فيها، وهو يفهم عقلية الشيعة وكأنه أحد رواد المجالس الحسينية، ويتعامل مع الحضر وكأنه واحد منهم، وهو بهذه القدرة يصلح أن يكون مستشاراً لأكبر شركة علاقات عامة في العالم.

وتتضح قدرة الشيخ أحمد الفهد على بناء علاقات مع الجميع في وجوده في أغلب المناسبات، وكأنه موجود في كل مكان، فهو يطير صباحاً في مهمة رسمية، ويعود ظهراً إلى اجتماع وزاري، وعصراً تجده يرعى حفل "مزاين الإبل"، ومساءً تجده في ندوة، وقبلها يكون قد حضر مجموعة من المناسبات الاجتماعية، وفي صباح اليوم التالي تجده يحضر اجتماعا لاتحاد كرة اليد الآسيوي في تايلاند... شخص قادر على الجمع بين كل هذه المسؤوليات هو بالتأكيد شخص غير عادي.

من ضمن القدرات اللافتة للنظر عند الشيخ أحمد الفهد قدرته العجيبة على استيعاب الآخرين، فهو رغم كل سهام الانتقادات وقصف الاتهامات الثقيلة التي يتعرض لها لا يرد على منتقديه أو متهميه، بل تجده يبتسم في وجههم ويضحك معهم، وبسبب هذه القدرة الفائقة على الاستيعاب تمكن من استمالة حتى أشد مناوئيه سابقاً، والذين كانوا يصفونه بـ"المؤزم"، ومن الواضح أن الشيخ أحمد قد نضج سياسياً بشكل كبير، خصوصاً في فترة ابتعاده عن المنصب الوزاري، وتخلى عن أسلوب التحدي مع خصومه واستبدله بطريقة الاستيعاب، ولذا لم يبقَ أحد يناصبه الخصومة سوى النائب عادل الصرعاوي، وبدلاً من وصفه سابقاً بأنه "أساس المشاكل" أصبح "حلال المشاكل".

من ضمن صفات الشيخ أحمد الفهد الذكاء المفرط، فالرجل لديه رؤية واضحة، وهو يعرف تماماً ما يريد، ويعرف أيضاً كيف يصل إليه، وهو يستطيع التكيف مع كل الظروف والشخصيات من أجل الوصول إلى هدفه، ولعل أحد مظاهر ذكائه تبنيه خطة التنمية التي تبلغ ميزانيتها 37 مليار دينار، وهو مبلغ يسيل له لعاب الصخر الأصم. شخص بذكاء وفطنة أحمد الفهد وتحت يديه هذه الميزانية الضخمة لابد أن يدفع "أكبرهم وأسمنهم" للتقرب إليه وطلب وده، أو على الأقل عدم مناصبته العداء.

بسبب هذه القدرات الخارقة التي يمتلكها أحمد الفهد لم يعد بإمكان الحكومة الحالية البقاء من دونه، فهو الرجل الأهم فيها، وتحولت الحال من اتهامه بزعزعة استقرار الحكومات السابقة إلى أنه أصبح الضمانة الرئيسة لاستقرارها واستمرارها، وأصبح الشخص الذي لا يمكن الاستغناء عنه في حل أصعب المشاكل وأعقدها، وهو يتصرف في كل مرة كما الساحر الذي يخرج من قبعته شيئاً ما يبهر به أبصار المتفرجين، فلديه لكل مشكلة أداة للحل، وهو لأجل ذلك "يعطي كل شخص على مايته". وبسبب هذه القدرة السحرية التي يمتلكها يعتقد كثيرون أن الشيخ أحمد الفهد وراء كثير من الأمور التي تحدث، حتى لو لم يظهر بالصورة.

السؤال الأهم في استعراض شخصية أحمد الفهد وقدراته هو ماذا يريد؟ وما الذي يطمح إليه من حركته ونشاطه؟ شخص بهذا الذكاء وهذه الإمكانات والحركة الدائبة لابد أن له هدفاً يسعى للوصول إليه. أيا كان الهدف الذي يسعى إليه الشيخ أحمد الفهد فإن، في ظل طموح الرجل وقدراته المتعددة وضعف وتفكك القوى المضادة، الدلائل كلها تشير إلى أن الرجل سيصل إلى مبتغاه عاجلاً أم أجلاً، وبالطريقة التي يراها مناسبة، إلا إذا كان هناك ما يمكن أن يعيق هذه النتيجة.

المرحلة القادمة هي مرحلة أحمد الفهد، وهذا الأمر يطرح أسئلة عدة محورية برسم من يعنيهم الأمر حول وجهة البوصلة التي يعتمدونها في المرحلة المقبلة. من ضمن الأسئلة المطروحة: ما انعكاسات السيناريو المحتمل على المشهد السياسي ككل؟ هل يملك الآخرون رؤية للتعامل مع الواقع الذي سيطرأ؟ وعلى فرض توافر الرؤية لدى هؤلاء، فهل لديهم القدرة على التعامل معه؟ للإجابة عن هذه الأسئلة المهمة سيكون للحديث بقية.

back to top