بين عثمان الخميس وياسر الحبيب

نشر في 14-09-2010
آخر تحديث 14-09-2010 | 00:00
 د. صلاح الفضلي استكمالاً لما كتبناه في المقالة السابقة حول ياسر الحبيب لأنه يمثل رمزاً صارخاً للتطرف والتكفير عند الشيعة يجب التصدي له حتى لا يستشري وحتى لا يؤدي إلى فتنة، واليوم ومن باب عرض نموذج صارخ من التطرف السنّي نأخذ عثمان الخميس مثالاً لتكفير الآخر لكي نؤكد حقيقة أن التطرف ملّة واحدة، وهو موجود في الطوائف والأديان كلها، وأنه يجب التصدي له سواء أكان من هذا الطرف أو من ذاك.

لكي نبدأ بداية صحيحة علينا أولاً أن نتحقق من حقيقة أن عثمان الخميس يُعد مثالاً لما ينسب إليه من تطرف وتكفير للآخرين حتى لا يعد ذلك اتهاماً وتجنياً من غير دليل.

رغم أنه ليس سراً أن عثمان الخميس يكفّر علماء الشيعة قاطبة - وهو لا ينكر ذلك- إلا أنه من باب إجابة من يريد دليلاً على ذلك أقول إن ذلك مثبت في إحدى خطب الخميس المسجلة التي ألقاها في أحد مساجد الفحيحيل، وقد تم تسليم هذا الشريط قبل سنوات عدة إلى وزير الأوقاف الأسبق عبدالله المعتوق لأن الخميس يعمل خطيباً تابعاً لوزارة الأوقاف، فضلاً عن أنه يشغل وظيفة رفيعة في الوزارة، ولا أدري إذا كان لايزال مستمراً في هذه الوظيفة حتى الآن أم لا، رغم أن شريط الخميس التكفيري تم تسليمه إلى وزير الأوقاف بعيداً عن وسائل الإعلام، ورغم أن المعتوق الذي وعد حينئذ بالتحقق من الموضوع وإيقاف الخميس إذا ثبت ما ينسب إليه، فإن أياً من ذلك لم يحدث، وأما لماذا لم يتم شيء... فالعلم عند المعتوق.

هذا من زاوية أن تكفير الخميس لعلماء الشيعة معلن ومثبت، أما أن ينبري البعض للدفاع عن الخميس بالقول إن قوله هذا يستند إلى دليل أو ان الخميس يتصف بالأدب وحسن الخلق فهذا لا يغير من الأمر شيئاً، فنحن لسنا في معرض محاسبة الخميس على قناعاته أو طريقة عرضها، فهذا الأمر بينه وبين ربه، وإنما نحن نعترض على إعلان هذه القناعات، وإلا فحتى المرتد عن الدين لا ينفذ فيه حكم الارتداد إلا إذا أعلن ذلك على الملأ لما لذلك من خطورة على المجتمع، أما إذا ظل محتفظاً بمعتقداته لنفسه فلا شأن لأحد به.

إذا كان الأمر يتعلق بأن آراء الخميس تستند إلى دليل، فإن ذلك ينسحب أيضاً على الزرقاوي وبن لادن في الجرائم التي ارتكباها باسم الإسلام، فالزرقاوي وبن لادن أيضاً لديهما أدلة تبرر ما قاما به، بل حتى الخوارج الذين حاربهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كانوا يقولون إنهم يستندون إلى نصوص القرآن في تكفير الناس، بل كانوا من حفظة القرآن وكانت جباههم سوداء من كثرة السجود، وهكذا الحال مع كل متطرف، فكل منهم يعتقد أنه يملك الدليل على ما يعتقده.

أما قول القائل بأن الخميس مؤدب في أسلوبه ولا يسب ولا يشتم فهو أمر يعنيه ولا يعني الآخرين، فالأمر المهم هو ما يعلن عنه من تكفير للآخرين، أما أن هذا التكفير يأتي بصوت هادئ ومن دون سب أو شتم فهذا كمن يغلف قنبلة يراد منها قتل آلاف البشر بقطعة من الحرير والديباج أو أن يلفها بورق السوليفان الفاخر، لكنها تتحول بعد ذلك إلى دماء وأشلاء. العبرة فقط في القنبلة الموضوعة داخل ذلك الوعاء الفاخر. لا أعتقد أنه يعنيني أو يعني أحداً ما يعتقده الحبيب أو الخميس في قلبه مهما كان شاذاً أو قبيحاً، فما يعنينا فقط هو ما يصرح به هؤلاء، لأن المجتمع -شئنا أم أبينا- يتأثر سلباً به، وهذه الآراء الشاذة تزيد من اشتعال نار الفتنة بين أفراد المجتمع الواحد، وهو الأمر الذي يجب أن تتضافر جميع الجهود للحيلولة دونه.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top