سفارات و ابرياء

نشر في 23-07-2009
آخر تحديث 23-07-2009 | 00:01
 بسام عبدالرحمن العسعوسي ظاهرة غريبة بدأت في الانتشار في الآونة الأخيرة، لا يستطيع أن يلحظها إلا المشتغلون في القانون والمرتبطون بالمحاكم... هذه الظاهرة سببها بعض سفارات الدول الآسيوية بالاتفاق مع بعض مكاتب المحاماة التي تتولى الدفاع عن مصالح تلك السفارات!

القصة تبدأ هكذا... فبمجرد هروب الخادمة من منزل مخدومها وذهابها إلى سفارة بلدها، حتى يبدأ مسلسل الابتزاز، مع الأسف، تحت مسمع ومرأى من القائمين على تلك السفارات.

أولاً، يكون الاتصال من أحد موظفي السفارة على المخدوم يبلغه فيه بأن الخادمة الآن في حوزة السفارة، والمطلوب منه مراجعتهم للوقوف على سبب المشكلة... يذهب المخدوم المواطن أو المقيم، سيان، إلى السفارة ليفاجأ بجملة من الأوامر والنواهي والشروط؛ فإما الاستجابة والخضوع لذلك الابتزاز وإما ستتقدم الخادمة عبر محامي السفارة بشكوى إلى النيابة العامة، تتهم فيها «معزبها» أو ابن، أو أحد أفراد الأسرة البالغين، حسب ظروف كل بيت، بأنه قد عاشرها معاشرة الأزواج، وينتهي الأمر إما بدفع حفنة من المال أو الذهاب إلى المخفر لتقديم شكوى جزائية.

مع الأسف بعض السذج والمغفلين يرضخ لذلك الابتزاز ولا يريد لسمعته وشرفه أن «يتمرمطان» في المخافر وسرايا النيابات! وما بين مصدق ومكذب، وبين متسائل ومندهش، تكون قد تشوهت سمعة رب الأسرة أو أحد أفرادها، لذلك يؤثِر البعض السلامة ويدفع «المقسوم»، ويذهب كل إلى حال سبيله!

أما إذا رفض الدفع... فتعالوا لنرى ما قد يحصل بالمخدوم بعد تقديم الشكوى مباشرة:

أولاً، يصدر أمر بالقبض عليه من جهة الاختصاص، وبالفعل يتم القبض عليه وإرساله مخفوراً إلى النيابة العامة، التي تأمر بدورها بحجزه في المحبس على ذمة القضية لأيام طويلة حتى تظهر نتيجة الفحوصات الطبية الدالة على ارتكاب الجريمة بعد أخذ العينات اللازمة من دم وخلافه من الطرفين... تكون خلال هذه الفترة قد تشوهت سمعة الرجل، وأصبح محل تساؤل من عائلته، فضلاً عن أن حريته قد قيدت بلا ذنب.

هذه القصص تحدث يومياً، وهي ليست محض خيال أو افتراء يا إخوة، وأعرف عشرات القضايا من هذا النوع وتعاملت معها، كانت النتيجة لا شيء فقط محاولة ابتزاز!

وأستطيع أن أقول و»بالفم المليان» إن هذه الظاهرة قد تفشت في المجتمع بمساعدة القائمين على السفارات ومشاركتهم، فمنهم مَن يحرِّض على المواطنين والمقيمين.

هذه الظاهرة يجب ألا تترك أو تمر مرور الكرام، فنحن نعلم أن هناك قصوراً شديداً في قانون الإقامة، وليس المجال هنا لتفنيد مثالبه، لكن على جهات الاختصاص؛ كالخارجية، أو جهاز النيابة العامة، أو المباحث الجنائية، أن تتصدى لتلك الظاهرة والعمل على الحد منها، فللناس كرامات، وللأسر حرمات يتعين ألا يترك المجال للعبث بها بهذه السهولة.

back to top