سخيف

نشر في 11-01-2009
آخر تحديث 11-01-2009 | 00:00
 جاسم القامس في بلد يتوجس منه الفرح خيفة، قررت ومجموعة من الأصدقاء أن نقضي إجازة رأس السنة- الهجرية طبعاً- في ربوع مدينة الضباب الباردة... جداً، ولم أتوقع أن يكون الخروج من حالة الاحتقان السائدة في بلدي بهذه السهولة، فما إن وضعت قدمي في الطائرة حتى غادرت البلاد بكل مشكلاتها.

في لندن أناس فرحون، بمناسبة وغير مناسبة... ونحن الذين تعلمنا أن «الضحك من دون سبب قلة أدب»، لم نرَ قلة الأدب في ابتسامة... فـ«ابتسامك في وجه أخيك صدقة»، واللندنيون كانوا إخواننا جميعاً أكثر من جماعتنا هنا، ورغم برودة الجو، فليس من الصعب عليك أن تجد نشاطاً للقيام به، فالعروض المسرحية والموسيقية على «قفا من يشيل»، والمتاحف ومعارض الفنون والرسومات تضم العديد من الروائع، ووسائل المتعة عديدة، منها البريء وآخر ليس بذات البراءة.

تذكرت وأنا أدخل إلى المتحف البريطاني نظيره متحف الكويت الوطني، الذي يخضع لترميمات منذ تحرير البلاد من الغزو العراقي، وتذكرت المكتبة الوطنية، التي بدأنا نراها أخيراً مبنى «كونكريتياً» عظيماً! وتذكرت وأنا في المسرح مسرحيات محمد الرشود وطارق العلي... ومع بلوغ السنة الجديدة، اتصلت بأصدقاء عادة ما يحتفلون بالسنة الجديدة في الكويت، فإذا بالجميع متسمر أما التلفزيون في بيته بعد أن «خرعتهم» وزارة الداخلية من مغبة الاحتفال.

في لندن، آلاف خرجوا في مظاهرات ضد العدوان على غزة، ولم أعلم بهم أو أسمع بالمظاهرات إلا من خلال صحفهم في اليوم التالي... فالمواضيع السياسية هناك ليست مقررة على كل مواطن ومقيم.

في اليوم الأخير من الرحلة، زرت متحفاً خاصاً لتاريخ بابل حمل بعض نوادر القطع الأثرية، ثم زرت متحف الفن المعاصر الذي حمل لوحات لبيكاسو ومونييه وآخرين لا أعرف أسماءهم... ألوان بهيجة اختتمت بها رحلة جميلة... وما إن ركبت الطائرة في طريقي للعودة، حتى لمحت صحيفة كويتية في يد راكب يجلس أمامي، واختلست النظر لعناوينها، فكان وليد الطبطبائي وأحمد المليفي يهددان رئيس الحكومة بالاستجواب... حينها فقط تكتشف كم صغيرة وسخيفة مشكلاتنا السياسية إذا ما نظرت إلى العالم، وكم سخيفة تهديدات وليد الطبطبائي التي لا يدري عنها أحد خارج حدود نويصيب والمطلاع... وتكتشف كم أن العالم من الممكن أن يكون جميلاً وفيه خيارات أجمل، لكنه قدرنا أن نعيش في بلد لا يطاق فيه الصحو... أبداً.

back to top