وجهة نظر بين الاستثمار القصير النفس والتحليل القصير النظر!

نشر في 18-09-2007
آخر تحديث 18-09-2007 | 00:00
No Image Caption
 حسين العويد تظهر المتابعة لما يحدث في اسواق المال الخليجية، ان الاستثمار في هذه الاسواق ليس وحده الذي يعاني من (قصر النفس )، بل ان تحليل اتجاهات الاسواق وقراءة المعطيات المختلفة المؤثرة على اداء الشركات هو الآخر مصاب بالداء نفسه حتى لا نقول بقصر النظر. فبدلا من التحليل المتعمق الذي يتناول تحليل الارقام وبرامج الشركات ومشروعاتها حاضرا ومستقبلا، يأخذ المحللون اصحاب النفس القصير على عاتقهم تقديم الفتاوى ذات اليمين وذات الشمال من دون تقيد بضوابط التحليل ومقتضياته. فمرة يحمل هؤلاء فصل الصيف مسؤولية التراجع ومرة يحملون شهر رمضان مسؤولية التباطؤ ومرة يطلبون من المستثمرين انتظار النتائج النصفية او الربعية لانها وراء تردد المستثمرين وسبب تراجع محافظهم. فضلا عن كلشيهات وعبارات تحليلية باتت ممجوجة من كثرة الاستنساخ والتكرار .

ومع اننا نعترف بتأثير التطورات اليومية واخبار الشركات على أداء الاسهم ومكانتها في الاسواق ، إلا أن تحميل هذه التطورات ما لا تحتمل ورسم آمال وتوقعات كاذبة على هذا النبأ أو ذاك هو في الواقع نوع من انواع الخداع الذي يمارسه بعض المحللين بوعي او من دون وعي لخدمة مصالح وأجندات استثمار خاصة، غير معنية بما يلحق الاسواق من ضرر وما يتكبده المستثمرون العاديون من خسائر.

فالمعلومات اليومية هي جزء من قواعد الافصاح والشفافية وهي في الاصل مصادر تكميلية لتحليل البيانات المالية التي تمثل الاساس في قراءة صحيحة لاداء أي سهم. وهي في احسن الاحوال معلومات تفيد المستثمر المضارب وليس المستثمر طويل الاجل الذي لاينظر الى السهم من خلال حركته لعدة اسابيع او عدة اشهر بل من خلال ما يحمله السهم من معطيات ربحية كامنة مصدرها الاداء الفعلي للشركة المصدرة للسهم وليس وضع هذا السهم في اسواق تفتقر للاستقرار والثبات.

لقد مرت اسواقنا في الاشهر الثلاثة الماضية بدورات متباينة، ففي شهري يونيو ويوليو كانت الاسواق تشهد نشاطا غير مألوف في مثل هذا الوقت من العام الذي يقضي فيه معظم المستثمرين اجازاتهم في الخارج. ووصلت توقعات البعض وتفاؤلهم بما مرت به الاسواق في تلك الفترة حد التبشير بخروج المستثمرين بأرباح تعوض الخسائر التي لحقت بهم في عام 2005 وجزءا من 2006 .ومع بدء الاسواق بالتراجع نتيجة تسرع البعض لجني الارباح او لدوافع المضاربة التي تحكم سلوكهم الاستثماري عاد المحللون الى رمي طعم جديد مفاده ان الاسواق ستعود الى مسارها التصاعدي بعد عودة المصطافين وبشروا بأن شهر رمضان هذا العام سيكون مختلفا عن شهور رمضان السابقة التي تتباطأ فيه حركة التداول وتتراجع فيه الاسعار.

ثم عاد هؤلاء الى رمي طعم جديد بعد الاسبوع الاول من الشهر الكريم ليطلبوا من المستثمرين انتظار نتائج الربع الثالث وعودة الحياة الى ايقاعها المعتاد بعد شهر رمضان واجازة عيد الفطر السعيد. المحصلة في كل ما كان يرد على ألسنة «محللي المضاربات»، هي انهم ربطوا الاسواق بتوقيتات ليس لها علاقة بما يدور في الشركات من نشاط وما تنفذه من برامج. وبدا من تحليلاتهم انهم يخاطبون «المستثمر الموسمي» الذي يمر بفترات «بيات في الصيف» او في شهر رمضان ويعود الى النشاط في بقية شهور السنة. وتناسى هؤلاء ان المستثمرين لديهم تقنيات تجعلهم قادرين على انجاز مبيعاتهم ومشترياتهم من أي مكان يوجدون فيه وفي أي وقت، ما يعني في الواقع ان الزمن يمكن ان يكون عاملا محايدا في تحديد اتجاهات الاسواق وتوقع ادائها.

* خبير اقتصادي - الإمارات

back to top