زرقاء اليمامة: وتد قيادات عربية

نشر في 01-02-2008
آخر تحديث 01-02-2008 | 00:00
لابد للقادة أن يطوروا وينتجوا ويقدموا الأفضل لشعوبهم، وينهوا القمع والترهيب. فمن قادنا إلى الإرهاب؟ ومن جعل الأنظمة مجمّدة لا تصلح ولا تنتج وباقية كوتد لا تتغير ولا تتطور؟ سؤالان يطرحان وبإجابات مختلفة أهمها أننا قدمنا أزمتنا إلى أميركا تفعل وتخطط لنا، ونحن نطيع.
 الجوهرة القويضي تعتمد السياسة في الشرق الأوسط على طموحات وأهواء القيادات الفردية أكثر منها في أي مكان آخر في العالم، فالقيادات الشرق أوسطية غالباً ما تكون غير مقيّدة بالمؤسسات السياسية أو بالرأي الشعبي؛ فطموحاتهم وخياراتهم كما أخطاؤهم ونقاط ضعفهم من الممكن أن تشكّل الفرق بين الحرب والسلام، الثورة والثبات.

إن تغيير القيادة في الشرق الأوسط هو أمر نادر وغير روتيني على الإطلاق لدرجة أنه غالباً ما يبدو لك أنّ المنطقة مجمدة زمنياً، خصوصاً ما يتعلق ببعض القيادات مثل «معمر القذافي في ليبيا، وياسر عرفات في السلطة الفلسطينية «قبل وفاته» حسني مبارك في مصر» بمعنى وتد حتى الوفاة. ذلك واقع وتلك جمهوريات تعتمد على التغيير لكنهم كعقارب ساعة معطلة أم قاموا بإيقافها ليتحركوا بدلاً منها؟!

وعلى الرغم من أن العديد من القيادات العربية قد جاءت إلى السلطة في السبعينيات أو الثمانينيات، فإن السنوات القليلة الماضية قد شهدت تغييرات مذهلة، ففي عام 1997 فاز الرئيس محمد خاتمي في الانتخابات الإيرانية من أجل إصلاح النظام الثوري، وفي عام 1999 جاء قادة جدد إلى السلطة في كل من الجزائر، البحرين، الأردن، المغرب، وفي العام 2002، وفي واحدة من أكثر الدول محافظة على السلطة وقياداتها رحل بالوفاة حافظ الأسد وجاء بشار، وفي عام 2004 رحل ياسر عرفات بعد ثلاثة عقود أمضاها على قمة السياسة الفلسطينية.

هناك دول عدائية ووتدها يزعج الولايات المتحدة مثل سورية وتطور إيران النووي، من ناحية أخرى قد يكون مغرياً للولايات المتحدة أن تحاول التدخل بالشؤون الداخلية في عملية تغيير النظام والتهديد بالقوّة. ذلك ما حدث في أفغانستان والعراق والضوء سارٍ على لبنان وبتحفظ على سورية وإيران وفتح الضغط غالباً ما يرتد عكسياً، يغيب عن ذهن الولايات المتحدة عدم معرفة صدى الشعوب الذي هو أهم من صدى القادة المؤيدين لها، ولابد أن تركز أكثر على الرأي العام الشعبي آخذين بالاعتبار أن دولاً عديدة غير حصينة ومعرضة لتغيرات مفاجئة، ولكن أميركا بتخبطها تحارب الإرهاب وتحارب النووي، ومن جهة أخرى تتغاضى عن النووي الإسرائيلي، ولاتزال في العراق تشتّت وتقتل والأرض تمتلئ بجثث الناس الأبرياء.

الديموقراطية تتقدّم وتتمدّد بثبات في المنطقة العربية، بينما تجعل ثورة المعلومات المواطنين على اطلاع بجميع الأحداث، وبالتالي تتيح لهم التفاعل معها بسرعة، لا يعني ذلك أن هذه الوسائل تحدث تحولاً كاملاً في السياسة العربية، لكنها تطرح الرأي العام الشعبي كقوة متنامية يجب على صناع القرار الأميركيين أخذه بعين الاعتبار، فإن الرأي العام الشعبي لن يمارس تأثيراً مباشراً ولكنه قد يحد مما يفعله القادة، خصوصاً إذا كانوا ضعفاء سياسياً.

إن مسألة تغيير النظام بطريقة سريعة ودراماتيكية، هو أمر ممكن في الشرق الأوسط، حيث ظهر للمنظّرين ذلك بسرعة مذهلة، ففي فترة الخمسينيات والستينيات، شهدت كل من مصر والعراق وليبيا وسورية واليمن انقلابات عسكرية. وفي عام 1979 أطاحت ثورة شعبية في إيران بالنظام، إن محاولة الجزائر للانفتاح السياسي في بداية التسعينيات قادت إلى انقلاب عسكري كأمر واقع وإلى حرب أهلية، وحتى الدول الديموقراطية مثل تركيا وإسرائيل كانت قد غيّرت سياساتها بشكل دراماتيكي عندما صعد قادة جدد إلى سدّة القرار السياسي.

ما أوردته كأمثلة لا أعني به الدعوة إلى الثورة على الأنظمة العربية، ولكن الشعوب في وعي معلوماتي وتطور، فلابد للقادة أن يطوروا وينتجوا ويقدموا الأفضل لشعوبهم، وينهوا القمع والترهيب. فمن قادنا إلى الإرهاب؟ ومن جعل الأنظمة مجمّدة لا تصلح ولا تنتج وباقية كوتد لا تتغير ولا تتطور؟ سؤالان يطرحان وبإجابات مختلفة أهمها أننا قدمنا أزمتنا لأميركا تفعل وتخطط لنا، ونحن نطيع، فمتى نشعر بحريتنا؟ ربما سيكون القادم أجمل.

وقفة شفافة:

جديد الجرح مازلت أقلبه، يراودني، يسكن ضعفي، أغادره، يغادرني، يطارحني، أغيب في خدر بابتسامة بكلمة، بحوار الأحبة، تزاورني رجفة قلبي بذكرى أتخيلها، لم أزل على عتبات الجرح الجديد أحاول مداواته.

back to top