إعلان صنعاء... انتصار لـ حماس

نشر في 30-03-2008
آخر تحديث 30-03-2008 | 00:00
 نديم قطيش لم يصمد إعلان صنعاء، بين حركتي «فتح» و«حماس» أكثر من أربع وعشرين ساعة قبل أن تتنصل منه الحركتان كل على طريقتها، فـ«فتح» اعتبرت أن الإعلان وليد التباس وسوء تنسيق بين ممثلها، عزام الحمد رئيس كتلة «فتح» التشريعية، والرئاسة الفلسطينية، بينما قلل مسؤول «حماس» من أهمية الاتفاق نفسه.

لم يكن، في الواقع، إعلان صنعاء من الأحداث التي يعول عليها كثيراً، لاسيما لجهة قدرته على وضع حد للمنازعة الفلسطينية-الفلسطينية، فالسلطات الرسمية اليمينة قدمت «إعلان صنعاء» ببيان يجمع في مقطع واحد منه كل ما تنافر من مطالب الحركتين.

«حماس» و«فتح»، يقول البيان، اتفقتا على «اعتبار المبادرة اليمنية إطاراً لاستئناف الحوار بينهما للعودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل أحداث غزة تأكيداً لوحدة الوطن الفلسطيني أرضا وشعباً وسلطة واحدة» تاركةً لشياطين الطرفين الخوض في التفاصيل، وهو ما كشفه لاحقاً التراشق بالتفسيرات بين «فتح» و«حماس».

إلا أن المحادثات المباشرة الأولى بين أكبر فصيلين فلسطينيين، منذ الاستحواذ الدموي لميليشيا الحركة على القطاع، شكل نجاحاً للحركة.

أولاً، أسقطت «حماس» حاجزاً نفسياً بُني بعناية منذ انقلاب يوليو 2007، فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واجه كل الضغوط للحوار مع «حماس» مذّاك، بشرط مسبق هو عودة الحركة عن انقلابها واعترافها غير المشروط بشرعية السلطة الفلسطينية وكامل المؤسسات المنبثقة عن إرداتها السياسية.

وقد كان هذا الشرط في صلب الأسباب غير المعلنة لعدم انضمام عباس إلى قمة ثلاثية كان من المقرر أن تعقد في الأردن بعد نحو أسبوعين من انقلاب غزة بحضور العاهلين الأردني والسعودي. وإذ تذرع عباس حينها بأسباب أمنية، بدا أنه كان يتجنب الضغوط السعودية عليه لاستئناف الحوار الفلسطيني الداخلي على خلفية أن المنازعة الفلسطينية لا تخدم إلا إسرائيل وتؤذي مبادرة السلام العربية.

وعليه اعتبر ياسر عبدربه أن إعلان صنعاء «سيقود إلى تخليد الانقلاب في غزة وإلى إبقاء الوضع القائم على ما هو عليه، وسيقود إلى حوار وراء حوار في دائرة مفرغة ومن دون أي نتيجة».

ثانياً، أعطى الاتفاق الانطباع بأن عباس لا يمسك بزمام أمور قيادته لاسيما أن رئيس الوفد الفلسطيني للمفاوضات مع إسرائيل أحمد قريع قال إن عزام الأحمد تسرع بالتوقيع على الاتفاق مع «حماس» واصفاً خطوته بالمنفردة. وأوضح أن الأحمد اتصل عدة مرات برئيس السلطة الفلسطينية «غير أن عباس كان مشغولاً باستقبال نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني» ليرد الأحمد بأن تصرفه مبني على امتلاكه تفويضاً كاملاً من عباس.

التراشق العلني بين الأحمد وعدد من المسؤولين الفلسطينيين في «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية لا يفعل سوى تنبيه المراقبين الى الانقسامات الفلسطينية في معسكر السلطة وحدّة الصراع على السلطة بين أقطابها، وعليه لم تتأخر «حماس» عن إلقاء المزيد من الضوء على هذه الناحية من واقع منظمة التحرير وحركة «فتح»، فقال ممثلها عضو المجلس التشريعي عن الحركة «ليس كل مستشاري عباس معرضون للاتفاق».

ثالثاً، تزامن ارتباك «فتح» في التعاطي مع إعلان صنعاء مع انتقادات إسرائيلية وأميركية له. فأعلن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بعد لقائه المباحثات التي أجراها مع عباس تفيد بأن «القيادة الفلسطينية طرحت شروطا ينبغي أن تتوافر للموافقة على المصالحة ومن أبرزها العودة التامة عن سيطرة «حماس» على السلطة في غزة».

أما على الجانب الإسرائيلي فقد ذكرت تل أبيب عباس بأن عليه أن يقرر إن كان يريد مواصلة المفاوضات مع إسرائيل أو يريد العودة إلى تحالف مع «حماس» «لأنه لا يستطيع أن يحصل على الاثنين معاً».

جعل هذا التزامن بين المواقف عباس يبدو كدمية يحركها الجانبان الأميركي والإسرائيلي وهو ما استغلته «حماس» لتبديد المزيد من صدقية عباس فلسطينياً.

أكان إعلان صنعاء وليد التباس أو خطأ أو كان بالون اختبار، فمن الواضح أن حركة «فتح» خسرت كثيراً من الجلوس مع «حماس» فيما خطت الأخيرة خطوة إضافية نحو تطبيع مع انقلابها وتزخيم «شرعية» العمل السياسي المبني على العقل الانقلابي.

* كاتب لبناني

back to top