هل يتراجع العالم عن الاقتصاد النظيف؟

نصف الأميركيين يرون الاتفاقات البيئية «مُقيدة» للاقتصاد

نشر في 14-08-2019
آخر تحديث 14-08-2019 | 00:00
No Image Caption
بعد حوالي سبع سنوات من الخفض المستمر للانبعاثات الكربونية في الولايات المتحدة، عادت للارتفاع مجدداً عام 2018، وأخيراً اتهم حزب الخضر الألماني الائتلاف الحاكم هناك بـ"الردة" عن الأهداف البيئية، بينما تبدو أزمة أوروبا الاقتصادية مهدداً حقيقياً لالتزام القارة العجوز بأهداف الاقتصاد النظيف.

تباين

وتشير "فوربس" إلى أن الأزمة الحقيقية تتمثل في وجود تباين كبير جداً في الإدراك حول أهمية الاقتصاد النظيف بين دول العالم، لاسيما دول العالم المتقدم، وهي الأشد تلويثاً للبيئة، بما يجعل الدول الأشد رغبة في الالتزام تتردد في تحقيق ما تريده من أهداف بيئية.

وفي الوقت الذي يطالب فيه 58 في المئة بجعل الحصول على اقتصاد نظيف هدفاً منصوصاً عليه في الدستور، يرى 60 في المئة من الأميركيين أن هناك "مبالغات كبيرة" في تقدير الخطورة على البيئة، ويرى نصف الأميركيين الاتفاقات البيئية "مُقيدة" للاقتصاد، وفقاً لاستطلاع لمركز "بيو".

ويأتي التخوف من النكوص عن الوعود باقتصاد نظيف على الرغم من الاختراقات اللافتة التي حققتها الاقتصادات في مجال تقليص التكلفة التي تجعل مستقبلها يبدو مشرقاً.

فعلى سبيل المثال، وفي عام 1990 كلّف نظام الألواح الضوئية الألمانية نحو 14000 يورو/ كيلوواط. وبحلول نهاية عام 2015، كان السعر أقل من عُشر هذا المبلغ بما قيمته 1300 يورو/ كيلوواط.

لكن حتى في ألمانيا الرائدة بكل المعايير للاقتصاد النظيف، فإن هناك تراجعاً واضحاً، ففي عام 2016 بلغت نسبة الطاقة المنتجة من مصادر نظيفة نحو 30 في المئة من الطاقة المستهلكة هناك، بينما بقيت على حالها حتى عامنا هذا دون زيادة رغم إقرار ألمانيا لهدف إنتاج نصف الطاقة من مصادر نظيفة 2030.

جمود

وباستثناءات محدودة شهدت الدول الأوروبية جموداً ملحوظاً في خطط التحول نحو الطاقة النظيفة خلال العامين الماضي والحالي، وهو ما تعزوه "إيكونوميست" إلى أكثر من سبب لعل أهمهم الصعود النسبي لقوى اليمين، بما جعل قضايا مثل الهجرة على رأس جدول الأولويات على حساب قضايا مثل البيئة.

وكذلك فإن عدم حل المشكلات التي يمثلها الجيل الحالي من البطاريات أو مخازن الطاقة الكهربائية يمثل عقبة كؤود في فقدانها لــ 2 في المئة شهرياً حالة التخزين، وأعمار افتراضية 3-5 أعوام، بما يجعلها معوقة لزيادة درجة الاعتمادية على الوقود المتجدد لحساب الأحفوري.

وتتوقع دراسة لجامعة "يل" أن تكون آثار الحروب التجارية مروعة على الاقتصاد النظيف، ففي ظل ضغوط متزايدة على الاقتصادات الرئيسية ستتراجع تلقائياً الاستثمارات في الاقتصاد النظيف وبنيته التحتية لمصلحة الاستمرار في استغلال البنية التحتية القائمة.

وبناء على ذلك تتوقع الدراسة نمو إنتاج الطاقة النظيفة عالمياً بنسب لا تزيد على 2-3 في المئة سنوياً بعد تسجيلها معدلات نمو تخطت 7 في المئة في بعض الأعوام بفعل الاستثمارات الأوروبية والصينية والشرق أوسطية في هذا المجال.

تناقض

وتظل الدول الاسكندنافية والبرازيل ودول صغيرة مثل لاتفيا، التي تعتمد بعضها على الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المئة تقريباً في توليد الطاقة الأمل الأساسي في استمرار نمو الاقتصاد النظيف، وعلى الرغم من ذلك فإنها لا تكفي في ظل نسبتها الضئيلة من إنتاج الطاقة عالمياً بشكل عام لضمان مستقبل مزدهر للاقتصاد النظيف الذي يحتاج أول ما يحتاج لالتزام الدول المتقدمة.

وعلى الرغم من التراجع الحكومي في الإنفاق على الطاقة المتجددة، فإن هناك توجهاً مضاداً من القطاع الخاص، تشير إليه مجلة "فورتشن" باعتبار الطاقة المتجددة أحد أكثر 10 مجالات جذباً للاستثمارات خلال 2018.

وتلفت "إيكونوميست" إلى التناقض الحالي بين الحكومات التي أصبح القلق من تأثير تحويل وسائل الإنتاج نحو الاقتصاد النظيف يثير تخوفاتها مع تباطؤ محتمل للاقتصاد العالمي، وبين الشركات الخاصة التي تراه مجالاً واعداً للاستثمار.

(أرقام)

back to top