حـلّـلـيـنـي

نشر في 02-08-2019
آخر تحديث 02-08-2019 | 00:07
 فواز يعقوب الكندري لأول مرة أشعر أنّي أبحث عن رضا الناس، وأنا الذي رسم خط سير رحلته بحبر أفكاره، وجعل عقله برجاً للمراقبة إن حدت عن مسلكي إرضاءً للآخرين أعطى مباشرة إشارات تنبيهٍ أن عُد إلى مسارك حتى لا تخسر مدارك الذي ارتضيته لذاتك... إلّا أن التطور في التفكير الذي يلازم تقدّم العمر جعلني أدرك أنّ للحياة زوايا غامضة نحن بحاجة إلى أن نعيشها حتّى تصبح منفرجة.

كل ركُن من حياتي أملك فيه ذكرى، إمّا مؤلمة كانت لي درساً، وإمّا سعيدة كانت لي أملاً... وما هذه الأركان إلا غيوم مرّت على نافذتي، إحداها تحمل رعداً وأخرى منحتني مطراً، ورحلت... واليوم أعيش ركناً مختلفاً عنها.. كل أركاني كنت أعيشها مع نفسي، واليوم قرّرت أن أعيش ركن «الحج» مع الله.

حلّلوني أيّها الضعفاء إن تخاذلت عن نصرتكم... حلّلوني أيها السجناء إن قصّرت معكم، حلّلوني يا من تعيشون في بيوتٍ متهالكة في صيفٍ قائظ ولم أقف إلى جانبكم... حلّلوني فأنتم من أقصد رضاه حتى يقبل الله مناسكي... فإنّي عشت دائناً لا مَديناً، وقابلت الغدر بالصفح، ونمت مظلوماً لا ظالماً، وما في رقبتي سوى عطري.

حـلّـليـنـي يا «نفسي».. فوربّ الكعبة التي أنتظر رؤيتها إن طيبتك تخجلني وأنا قصّرت معك، سخّرتِ لي وقتكِ وانشغلت أنا بأمور حياتي عنكِ... وكلّما دعوتِني إلى ريف باريس أصررت على أن أبقى في الشرق الأوسط... حلّليني فأنتِ اليوم من أولوياتي، وقرّرت ألا أقدّم شيئاً عليكِ... حلّليني فإني حاملٌ معي الجمرات متّجهاً إلى من أقسم بعزّة الله قائلاً: «لأغويّنهم أجمعين»، مردّداً وأنا أصوّبها نحوه قائلاً: «بدري عليك».

back to top