سدانيات: في سبيل الحب!

نشر في 26-07-2019
آخر تحديث 26-07-2019 | 00:07
 محمد السداني لا تعتقد أنني سأناقش مسألة عاطفية في هذا المقال، ولكنني سأتكلم بتجرد عن إشكالية إنسانية يعانيها الكثير جراء عدم الوعي الحقيقي بأبعادها وعواقبها، إنَّ القصص الكثيرة التي تتحدث عن الحب كممارسة تكاد تملأ الآذان والقلوب بما تحمله من صراعات مريرة عاناها المتأثرون بالحب، وإذا تفحصت هذه الحكايات فلن تجد نجاحا لمفهوم هذا الحب، وكأنه لم يخلق لكي ينجح.

ولكن التساؤل المهم هنا: هل فعلاً خُلِق هذا المفهوم لكي لا ينجح مع وجود كل هذه الأدلة التي تؤكد عدم نجاحه؟ في الحقيقة لم أسأل هذا السؤال لأحصل على إجابة، ولكنني أعرف جيداً أنَّ الباحث عن الإجابة يقف على ضفة النهر التي تعجبه، نحن لا نحكم على الحب بناء على المعطيات والأحداث، ولكننا نحكم عليه بناء على ما نريد أن يكون عليه هذا الحب، إن المحبين دائماً يريدون أن تكون نتيجة الحب التي وقعوا فيها هي الصحيحة، وبالتالي إذا حدث ما حدث فلن تجدهم ينظرون إلا إلى الجانب المأساوي من القصص التي تحاكي قصصهم ونتائجها التي باءت بالفشل.

إنَّ جميع من يتحدث عن الحب لو جلست معه وطلبت منه أن يعرف هذا الحب، لما أعطاك تعريفاً واحداً متفقاً عليه من جميع الأطراف التي مارست هذا المفهوم، إن الحب كمفهوم حاله حال الصدق والأمانة والإخلاص يحتاج إلى منظور فلسفي لكي نعرف جيدا ما معناه ونخفض سقف توقعاتنا التي لم تكن مبنية على أساس علمي فلسفي حقيقي؛ لذلك نجد أنفسنا في حالة من الانهيار والدمار في أول صدمة في مشوار الحب الجميل، لا يمكن لنا كشعوب أن نمارس مفهوماً لا نعرف له تعريفاً ولا بُعداً فلسفياً؛ ولذلك تجدنا نلعن المفهوم كله ولا نلعن جهلنا في فهمه، ونلعن الممارسة ولا نلعن كيفيته.

لم يكن الحب يوماً ما وردياً ولا أحمر ولا أبيض، لم يكن له لون لكي يتميز عن باقي المفاهيم الفلسفية التي تحدد منظومة القيم التي نعيش بها ومن أجلها، الحب مجموعة من المفاهيم التي تضمن لنا استقرار تعلقنا بالأشياء من حولنا بانضباط واستمرار وبعطاء، بكل بساطة متى ما فهمنا أنفسنا وعرفنا كيف نمارس المفاهيم التي نعيش من أجلها، ستقل صدماتنا وستقل توقعاتنا.

خارج النص:

قصص الحب التي سُوِّق لها عبر التاريخ لم تكن في الغالب حقيقية، ولكنها كانت نوعاً من السيطرة الإعلامية على المجتمعات، وخلقت منظومة لإلهاء تلك المجتمعات عن التقلبات السياسية التي تمر بها.

back to top