«المرصد»: مقتل أكثر من أربعين مدنياً في غارات على شمال غرب سوريا

نشر في 22-07-2019 | 19:09
آخر تحديث 22-07-2019 | 19:09
No Image Caption
قتل 43 شخصاً على الأقل، غالبيتهم في غارات روسية استهدفت سوقاً ومحيطه في شمال غرب سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلا أن موسكو نفت مسؤوليتها، في وقت تتعرض المنطقة لقصف مستمر منذ نحو ثلاثة أشهر.

في مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، شاهد مصور متعاون مع فرانس برس مدنيين يساعدون رجال الإنقاذ على حمل جرحى غطت الدماء أجسادهم ونقلهم إلى سيارات الإسعاف.

ويساعد رجلان، على بنطال أحدهما بقعة دماء، رجلاً ثالثاً على السير وسط شارع مدمر، ويبدو أنه تم سحبه من تحت الأنقاض، إذ يكسو الغبار وجهه وثيابه. ويمشي خلفهم رجل آخر ملتح تغطي الدماء يده اليسرى.

ويظهر في إحدى الصور شاب يشير إلى جثة رجل على الأرض قرب دراجة نارية متفحمة، بينما يحمل رجل حافي القدمين طفلة صغيرة وتسير قربه سيدة ورجلان يحملان طفلين على الأقل ويبدو الدمار خلفهم.

وقال الدكتور رضوان شردوب، مدير مستشفى معرة النعمان حيث نقل عدد من الضحايا، لفرانس برس "الإصابات يندى لها الجبين" متحدثاً عن "جثث محروقة ومتفحمة وأشلاء".

وتابع "إنه اجرام بلا حدود مع صمت دولي معيب".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الإثنين عن شن طائرات روسية غارات عدة "استهدفت سوقاً لبيع الخضار بالجملة وأبنية في محيطه" في معرة النعمان.

إلا أن وزارة الدفاع الروسية وصفت في بيان نقلته وكالة "تاس" الحكومية اتهامها بـ"تصريحات كاذبة". وشددت على أنّ "القوات الجوية الروسية لم تنفذ أي مهمات" في تلك المنطقة.

وتسبّبت الغارات، وفق آخر حصيلة للمرصد، بمقتل 37 شخصاً على الأقل هم 35 مدنياً ضمنهم طفلان، و"اثنان مجهولا الهوية حتى الآن". كما أصيب أكثر من مئة آخرون بجروح، حالات بعضهم حرجة.

وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) أن أحد متطوعيها في عداد القتلى.

وحصل القصف وفق ما أوضح رئيس المجلس المحلي في مدينة معرة النعمان بلال ذكرى لوكالة فرانس برس عند "الساعة الثامنة صباحاً (05,00 ت غ)، في وقت يخرج فيه الناس لقضاء حاجاتهم وإلى أعمالهم".

وفي مدينة سراقب في إدلب، قتل الإثنين ستة مدنيين على الأقل بينهم سيدة وطفلة جراء قصف جوي سوري، كما أصيب ثمانية آخرون بجروح، حالات بعضهم حرجة، وفق المرصد.

وجاءت حصيلة القتلى الإثنين غداة مقتل 18 مدنياً بينهم أنس الدياب (22 عاماً) وهو متطوع في منظمة الخوذ البيضاء ومصور فوتوغرافي ومصور فيديو تعاون مع وكالة فرانس برس.

وتشهد محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين نسمة، تصعيداً في القصف السوري والروسي منذ نهاية نيسان/أبريل، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي.

وتمسك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بزمام الأمور إدارياً وعسكرياً في إدلب ومحيطها، حيث تتواجد أيضاً فصائل إسلامية ومقاتلة أقل نفوذاً.

وترد الفصائل المقاتلة باستهداف مناطق تحت سيطرة قوات النظام. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" الإثنين عن مقتل "سبعة مدنيين بينهم طفلتان باعتداء ارهابي بقذيفة صاروخية" على قرية ناعور جورين في ريف حماة الشمالي.

ومنذ نهاية نيسان/أبريل، قتل أكثر من 680 مدنيا جراء القصف السوري والروسي، فيما قتل 59 مدنياً في قصف للفصائل على مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، وفق المرصد.

ودفع التصعيد أكثر من 330 ألف شخص الى النزوح من مناطقهم، وفق الأمم المتحدة.

وأبلغ الفاتيكان الإثنين دمشق قلقه إزاء وضع المدنيين في إدلب. وأعلن في بيان مقتضب أن وزير الشؤون الاجتماعية الكاردينال بيتر تركسون التقى برفقة السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري الرئيس بشار الأسد. وسلماه رسالة من البابا فرنسيس أعرب فيها عن "قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني في سوريا، وبشكل خاص الظروف المأساوية للمدنيين في إدلب".

ويأتي التصعيد الأخير رغم كون المنطقة مشمولة باتفاق روسي- تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه.

وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية اليها لاحقاً.

وحثّت الأمم المتحدة الإثنين أطراف النزاع كافة على "إعادة الالتزام بوقف اطلاق النار". وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الإقليمي التابع للأمم المتحدة دايفيد سوانسون لفرانس برس إنّ المنطقة "باتت سريعاً واحدة من أخطر الأماكن في العالم حالياً بالنسبة إلى المدنيين والعاملين الإنسانيين".

ويتزامن القصف الكثيف مع "معارك كر وفر واستنزاف" بين قوات النظام والفصائل في ريف حماة الشمالي، من دون أن تتمكن دمشق من تحقيق أي تقدم استراتيجي وفق المرصد.

ويعرب الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر عن اعتقاده بأن "كل طرف يحاول الضغط على الطرف الآخر، إما عن طريق الشركاء السوريين على الأرض" عبر المعارك أو "بشكل مباشر في حال القصف الروسي على مناطق إدلب".

ويقول هيلر لفرانس برس "على ما يبدو، كان قرار روسيا بدعم هجوم الجيش السوري على أطراف منطقة خفض التصعيد في ريف حماة الشمالي في بادئ الأمر محاولة لإبعاد مسلحي إدلب عن قاعدة حميميم وبعض المناطق المحاذية لإدلب" لكن الوضع بات اليوم عبارة عن "اشتباكات وهجمات متبادلة بين الطرفين".

ومن المتوقّع، وفق هيلر، أن تستمر هذه الهجمات "حتى يتوصل الطرفان التركي والروسي إلى حل يهدئ الجبهات والقصف".

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى الى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

back to top