السكري... ثنائي «دوائي يساعد» الجسم في تعبئة مخزونه من الأنسولين

نشر في 10-07-2019
آخر تحديث 10-07-2019 | 00:02
جهاز فحص السكر في الدم
جهاز فحص السكر في الدم
حقَّق علماء خطوة مهمة في سعيهم إلى تطوير علاج لداء السكري يعيد إلى الجسم قدرته على تصنيع الأنسولين، إذ طوّروا خليط أدوية جديداً يدفع الخلايا المنتجة للإنسولين إلى التكاثر بمعدل سريع كفاية لاستعماله في علاج البشر.
كشفت دراسة جديدة، أعدها باحثون من كلية إيكاهن للطب في ماونت سايناي في مدينة نيويورك، كيف تدفع تركيبة جديدة من صنفين من الأدوية خلايا بيتّا في حالة البشر البالغين إلى التكاثر بمعدل 5 في المئة إلى 8 في المئة يومياً.

نشر الفريق ما توصل إليه في تقرير في مجلة "أيض الخلية".

يقول أندرو ف. ستيوارت، باحث أشرف على تقرير الدراسة ومدير معهد ماونت سايناي للداء السكري، والسمنة، والأيض، "إننا متحمسون جداً لهذه الملاحظة الجديدة لأن هذه أول مرة نتمكَّن فيها من التوصل إلى معدلات لتكاثر خلايا بيتّا في حالة البشر عالية كفاية لتعيد تعبئة كتلة خلايا بيتّا لدى الإنسان".

درس الفريق في عمل سابق جزيئاً صغيراً يعوق إنزيماً يُدعى كيناز A1 المضبوط بواسطة فسفرة التيروسين والمزدوج الدقة (DYRK1A).

قاد هذا الجزيء إلى تكاثر خلايا بيتّا بمعدل تراوح بين 1.5 في المئة و3 في المئة.

في الدراسة الجديدة، برهن الفريق كيف أسهمت إضافة جزيء صغير من نوع مختلف من الأدوية في رفع معدل التكاثر إلى نحو 5 في المئة إلى 8 في المئة. يعوق هذا الدواء الثاني عناصر عائلة تحويل عامل نمو بيتّا الخارقة (TGFBSF).

لكن رغم أن الدراسة اتخذت خطوة مهمة بإظهارها أن خليط الدواء هذا يدفع خلايا بيتّا إلى التكاثر بسرعة كافية لاستخدامها كعلاج، فما زال إزاء الباحثين بعض الأعمال لإنجازها.

يوضح د. ستيوارت: "تكمن أكبر عقبة في التوصل إلى طريقة لإيصال خليط الدواء هذا مباشرةً إلى البنكرياس".

خلايا بيتّا

السكري داء يرتفع معه معدل الغلوكوز في الدم إلى نسب مضرة، ما يُلحق الأذى بالأوعية الدموية، والأعصاب، وأنظمة الجسم الأخرى. فيؤدي إلى فقدان البصر، وأمراض الكليتين، ومشاكل القلب.

وترتفع معدلات الغلوكوز في الدم بسبب صعوبة إنتاج واستخدام الأنسولين، وهو هرمون يساعد خلايا الجسم في امتصاص الغلوكوز واستعماله لإنتاج الطاقة.

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 300 مليون شخص حول العالم سيعانون السكري بحلول عام 2025.

في الولايات المتحدة مثلاً، يصيب السكري نحو 9.4 في المئة من السكان، أي ما يعادل 30.3 مليون شخص. ويشير المعهد الوطني للداء السكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلية إلى أن 84 مليوناً آخرين يعانون حالة ما قبل السكري.

ثمة نوعان رئيسان من السكري: النمط الأول والنمط الثاني. ويعاني 90 في المئة إلى 95 في المئة من البالغين الداء السكري من النمط الثاني.

في الداء السكري من النمط الأول، يحدث العجز عن التحكم في الغلوكوز في الدم لأن جهاز المناعة يدمر خلايا بيتّا المنتجة للإنسولين في البنكرياس.

أما الداء السكري من النمط الثاني، فيبدأ غالباً مع مقاومة الأنسولين، وهي حالة تصبح فيها الخلايا أقل فاعلية في استخدام الأنسولين. فيحاول البنكرياس بادئ الأمر التعويض بإنتاجه المزيد من الأنسولين، لكن هذا لا يشكّل حلاً طويل الأمد وتعاود معدلات الغلوكوز في الدم الارتفاع في النهاية.

صحيح أن لهذين النمطين أوجه اختلاف عدة، لكن دراسات حديثة أظهرت أن الداء السكري من النمطين الأول والثاني يتشاركان في خاصية مهمة: تراجع إمداد خلايا بيتّا المنتجة للإنسولية الفاعلة.

معدلات غير مسبوقة

يذكر د. ستيوارت أن كل الأدوية المتوافرة اليوم لعلاج الداء السكري لا تنجح في دفع خلايا بيتّا البشرية إلى التكاثر.

يدرس الباحثون مقاربات أخرى، كزراعة خلايا بيتّا أو البنكرياس أو علاجات تستخدم الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا بيتّا جديدة. لكن د. ستيوارت يؤكد ألا أحد من هذه العلاجات تم اعتماده على نطاق واسع.

أظهر د. ستيوارت وزملاؤه في عمل سابق أن مثبطاً لإنزيم DYRK1A يُدعى هارمين تمكن من تحفيز تكاثر مستدام لخلايا بيتّا مأخوذة من أشخاص بالغين في عينات في المختبر.

علاوة على ذلك، تمكنت فئران استُبدلت بخلاياها خلايا بيتّا بشرية من إبقاء معدلات السكر في دمها ضمن المدى الطبيعي عقب العلاج بالهارمين.

شكّلت هذه خطوة مهمة نحو الأمام. لكن معدل إنتاج خلايا بيتّا الجديدة كان أبطأ من أن يعود العلاج بالفائدة على البشر الذي يعانون السكري.

راودت الباحثون فكرة إضافة مثبط TGFBSF إلى هارمين في حين كانوا يدرسون نوعاً من الأورام الحميدة يتشكل في خلايا بيتّا. فكشف لهم هذا مجموعة أهداف جديدة تستطيع الأدوية التركيز عليها، التي قد تسهم في تحسين تكاثر خلايا بيتّا.

إذاً، كان هدف الدراسة الجديدة التحقق مما إذا كان الجمع بين نوعي الدواء هذين فاعل. وتبين أنه فاعل بالتأكيد.

يكتب الباحثون أن الدراسة تُظهر أن تثبيط إشارات DYRK1AوTGFBSF يحفز معدلات مذهلة غير مسبوقة من تكاثر خلايا بيتّا البشرية [...] ويزيد في الواقع عدد خلايا بيتّا لدى البشر والفئران".

تناولت الدراسة أيضاً الآليات وراء "معدل التكاثر المذهل هذا". فقد أظهرت الاكتشافات أن خليط الدواء لم ينجح فحسب في خلايا بيتّا التي استخرجها العلماء من "جزر بشرية طبيعية مأخوذة من جثث"، بل أيضاً في خلايا بيتّا زرعوها من خلايا جذعية و"أخرى أخذوها من أناس يعانون الداء السكري من النمط الثاني".

يختم د. ستيوارت: "لما كان هذان الدواءان يؤثران في أعضاء أخرى من الجسم، فعلينا اليوم أن نطوّر أساليب لإيصالهم تحديداً إلى خلايا بيتّا في جسم الإنسان".

نحو 300 مليون شخص حول العالم سيعانون السكري بحلول عام 2025
back to top