إرتفاع الحرارة في «جبال الألب» الأوروبية.. أدت إلى تغييرات بيئية هائلة

● وصفت بأنها نقطة تحول في تاريخ البشرية ● ذوبان 15% من طبقات الجليد منذ عام 2010

نشر في 08-07-2019 | 09:50
آخر تحديث 08-07-2019 | 09:50
 الفرق بين الكتل الجليدية فوق قمة بيتسول بجبال الالب في عام 2006 و 2018
الفرق بين الكتل الجليدية فوق قمة بيتسول بجبال الالب في عام 2006 و 2018
● تغيرات غير قابلة للعودة الى ما كانت عليه
مع الارتفاع القياسي وغير العادي لدرجات الحرارة في أوروبا يتساءل الكثيرون حول تأثيرها على الثلوج المتراكمة على قمم جبال الألب منذ قرون ومنها كتل هائلة شديدة التجمد من شأنها ذوبانها أن تؤدي إلى تغيرات بيئية هائلة ويمكن ان توصف بأنها نقطة تحول في تاريخ البشرية.

وفي هذا السياق يقول أستاذ علوم الجليد بالمعهد الاتحادي السويسري للعلوم التقنية في زيورخ ماتياس هوس وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين ان وتيرة ذوبان تلك الثلوج المتجمدة فوق قمم جبال الالب باتت أسرع بكثير خلال السنوات الأخيرة مقارنة بما كانت عليه قبل مائة عام تقريبا.

وقال ان القياسات الدقيقة والدورية لسمك ومساحات طبقات الجليد على قمم جبال الالب اكدت ذوبان 15% منها منذ عام 2010 وحتى الآن ما يعني معدل ذوبان سريع للغاية وغير مسبوق.

وأوضح هوس وهو أيضا مدير المركز السويسري لقياسات الجليد ان هذا "الجليد الابدي" يمثل مخزونا حيويا للمياه وعادة ما يعوض ذوبانه بنسب معقولة قلة الامطار صيفا في الوديان والسهول موضحا أن معدلات الذوبان العادية قبل هذا الارتفاع القياسي في درجات الحرارة كانت تؤدي الى نوع من التوازن البيئي.

ولفت الى الاهمية الاقتصادية للثلوج الذائبة المتدفقة من الجبال كمصدر لمياه لشرب او الزراعة او انتاج الطاقة مشيرا الى ان اختلال معدلات الذوبان له تبعات سلبية على الانسان والبيئة والحياة في الأنهار والبحيرات.

وأوضح ان التبعات السلبية الأخرى تتمثل أيضا في ارتفاع معدلات الانهيارات الجليدية اثناء موسم الصيف وما يصحبه من فيضانات كثيفة وكميات هائلة من المياه اكثر من ان تستوعبها الأنهار او السدود وخزانات المياه.

وعلى صعيد متصل يؤكد الخبير السويسري ان التعامل مع أسباب هذا الارتفاع غير العادي في درجات الحرارة هو احد السبل التي يجب على الحكومات والقطاع الخاص ليس في أوروبا فحسب بل في مختلف مناطق العالم التعامل معها.

وتوقع هوس زيادة سعة خزانات المياه وإقامة سدود جديدة في مناطق جبال الالب تستوعب الكميات الهائلة من المياه الناجمة عن معدلات ذوبان فائق السرعة للثلوج الا انه رأى ان إعادة الامر الى ما كان عليه سابقا هو امر مستحيل.

وفي المقابل يؤكد أستاذ علوم الجليد في اكاديمية (انغادين) السويسرية لعلوم الثلوج فيلكس كيلر في حديث ل(كونا) ان الوتيرة السريعة للانهيارات الجليدية لها آثار اقتصادية سلبية أيضا على القرى الجبلية والمنشآت الاقتصادية مثل قطارات الجبال والحافلات المعلقة والتي يمكن ان تتأثر بشدة بتلك الانهيارات التي يصعب التكهن بوقت حدوثها.

وقال ان التغيرات المناخية السلبية تتجلى واضحة في تقلص مساحات الثلوج المتجمدة في امثلة كثيرة من بينها على سبيل المثال تقلص مساحة كتلة جليدية على جبل الالب جنوب شرقي سويسرا من 85 كيلومترا مربعا في عام 1992 الى 35 كيلومترا مربعا في عام 2019 .

ويرصد العلماء في منطقة جبال الالب المتواصلة الى فرنسا الى النمسا مرورا بإيطاليا وجنوب المانيا وسلوفينيا تغيرات كثيرا في البيئة تتمثل في اختفاء نباتات عشبية لا تتحمل درجات الحرارة المرتفعة في مقابل ظهور أنواع أخرى من مناطق ذات حرارة مرتفعة.

وفيما تنفر او تنقرض الحشرات والحيوانات من الحرارة المرتفعة تكثر بدلا منها أخرى مهاجرة محبة للحرارة الامر الذي يؤدي أيضا الى تغيير التسلسل الزمني لمراحل الحياة مثل موسم التزاوج وحجب البيض وتلقيح النباتات ومع هذا التغيير تظهر آثار سلبية على سلاسل الغذاء.

كما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة في الجبال والجفاف المصاحب لها الى زيادة في خطر حرائق الغابات الجبلية وترتفع معها نسب ملوثات الهواء في الوقت الذي تعاني منه البحيرات والانهار من ارتفاع في درجات حرارة المياه فتصبح غير مناسبة للحياة السمكية.

ويتوقع العلماء ان تشهد المرحلة المقبلة تغييرا جوهريا في الحياة الجبلية ليس فقط في سلسلة الالب بل أيضا في مناطق مختلفة من العالم وهي تغيرات غير قابلة للعودة الى ما كانت عليه الأمور قبل التغيرات المناخية السلبية.

back to top