واتساب مع د. سليمان الشطي!

نشر في 25-06-2019
آخر تحديث 25-06-2019 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم كنا في أواسط الخمسينيات نشكل ثلاثياً مكوناً من كل من: خالد سعود الزيد، وسليمان الشطي، والعبد لله... وكانت المفردة الأدبية تجمع بيننا بحدود إمكاناتنا في ذلك الزمن قاسماً مشتركاً يغلب على طبيعة علاقاتنا... فعندما نقرأ الكتاب الواحد يكون موضوعاً لنشبعه نقاشاً بعد قراءته.

• وهكذا استمرت صداقتنا رغم أن صروف الزمن قد حددت مسارات كل واحد منا بالاتجاه الذي انتهى إليه... لكن تلك الصداقة بقيت ثابتة... ولما فجعنا بفقد خالد – رحمه الله – تمحورت علاقتي بالشطي بما كان يجمعنا من ذكريات مع أبي سعود، الذي ترك مكانه في نفوسنا... وأثناء اغترابي كنت أتواصل مع سليمان لنتناقش في العديد من القضايا... وفي آخر رسالة وكانت منذ أيام كتب لي التالي:

- يا نجم كيف تفسر أنني أتحاور معك في هذه الموضوعات والقضايا وبيننا سبعة آلاف كيلومتر، بينما أنا عاجز عن التواصل في البحث فيها مع من لا يفصلني عنهم سوى أمتار... هل هي غربة اهتمامات أم أنا أنتمي إلى كهف نفسي وثقافي...؟ إنني أمتلئ ولكن دون تنفيس، حكى القدماء عن عالم حافظ كثير الغضب والقسم بأنه لن يحدّث طلبته ولا الناس، ولكنه إذا ذهب غضبه جلس إلى شاة وراح يروي لها مروياته... سأشتري شاة!!... فهل تنصح بهذا يا نجم؟!

- هل وصلت بك الحال إلى هذه الدرجة؟

- لا أكتمك يا صديقي أن رصدي للساحة الثقافية والفنية والأدبية وصل إلى نتيجة قد تفسر تضاؤل استجابتي للحماس للمعطى الثقافي محلياً وعربياً بكل أسف.

- لم أعهدك بحياتي بهذه الحالة من اليأس والتشاؤم؟

- بالعكس... فأنا الآن أستمتع برواية "سيدات القمر" لجوخة الحارثي، لكن هذه النوادر تطل علينا بين حين وآخر وسط أطنان من الهزال الذي يشوه كل جميل في حياتنا.

- أليس هذا حكماً مطلقاً؟

- أبداً... لأن الحركة الأدبية والفنية الآن أشبه ما تكون بالعزف المنفرد... لا حركة شاملة تتقادح فيها الأفكار فيبزغ منها نور يغطي مساحة واسعة من المتلقين.

- أعطني مثلاً.

- أعطيك مثالاً هو أقرب إلى النفوس من الطرب والغناء.

- تفضل.

- كان هناك أم كلثوم وعبدالوهاب وحليم، وكانت فيروز وشادي الخليج وعوض دوخي وغيرهم من هذه الفنون التي شكلت وجداننا... فهل هناك من ورثهم؟ لم يكن هؤلاء يعزفون عزفاً منفرداً، ولا أظن أن من يرثونهم الآن بهذا الضجيج والتطبيل والأعمال الغثة يعتبرون امتداداً لهم، بل إنهم أعطوا العصر كل أشكال وصور الانحطاط!

- ما تقوله على الغناء والطرب هل ينعكس على الأدب؟

- الأدب "مول" مزدحم يختلط فيه الغث والسمين، ندوات ومحاضرات ووسائل إعلام تبحث عن الإثارة... ولكن كما قال شكسبير: جعجعة بلا طحن!

- على من تقع المسؤولية؟

- هناك قادة فكر سأحدثك عنهم فيما بعد... هذا إذا سمحت يا دكتور نجم... فهل تسمح أم أرفع القلم؟

***

• لعل إجابة الصديق الدكتور الشطي عن السؤال الأخير تقودنا إلى حوار آخر نخصصه للحركة الأدبية، ونضع النقاط على الحروف فيها، فهي لم تأخذ حقها في هذا الحوار.

back to top