الجهل والتجهيل

نشر في 23-06-2019
آخر تحديث 23-06-2019 | 00:07
 مظفّر عبدالله أول العمود:

عمداء كليات التربية في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي مطالبون ببحث تأثير الألعاب الذكية على أطفالنا؛ لأنها تستهلك وقتهم وصحتهم، وجاءت بعد التأثير السيئ لاتكال الوالدين على عاملات المنازل في العناية بهم، فهل من تحرك بجلسات حوار وبحث؟

***

سلوكيات غريبة وآراء أغرب تُظهر مستوى الوعي في مجتمعنا، بل تُنبئ بمؤشرات تتطلب وقفة تجاه سياسات بالية مستمرة في تشكيل هذا الوعي، وعلى رأس ذلك منظومة التعليم والمؤسسات والأجهزة المنوط بها تنوير الناس.

كان موضوع قتل الكلاب تسميماً مثار جدل بين مغردين من شتى المستويات، كانت "الرحمة" هي مثار جدل، هل نكون رحماء أم لا نكون؟! أن نقتل أو لا نقتل؟! هذه هي الخيارات المتوافرة فقط. ولم تصب سهام أهل الجدل إهمال هيئة الزراعة والبلدية والصحة بأذى، هنا نضع علامة استفهام على هذا المستوى من الوعي.

موضوع آخر، عندما أُعلن عن وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي بعد حديثه في المحكمة مباشرة، ارتفعت أصوات تقول إنه الرئيس الوحيد الذي جاء بإرادة شعبية وانتخابات "حُرة" و"نزيهة". فاز في انتخابات نعم، لكن النزاهة والحرية كيف أتت بين ليلة وضحاها في مجتمع خسر حريته على مدى عقود من الزمن مضت؟ ما هذا التزوير في الوعي، أليست الانتخابات النزيهة والحرة تتطلب عدالة اجتماعية وحرية تعبير بلا إرهاب، وأن يكون الفائز يمثل جميع المصريين؟ نمر على حالة "بوحسن" المقيم في الصفيح اللاهب، والطفل "عمر" المتفوق في التعليم ومنعه من استكمال تعليمه الجامعي إلا بتوقيعه على ورقة يحدد فيها جنسيته!! ماذا تريد الدولة تجاه غير محددي الجنسية؟ لا أحد يعلم! الوعي هنا أيضاً منقسم على أشد الحالات الإنسانية وضوحاً.

ونذهب إلى الإسفاف المطروح في دراسة رسمية تقول إن التقليل من حالات الطلاق يتطلب منح المتزوجة راتباً بلا عمل لتتفرغ لبيتها! إن مثل هذه الآراء لا يُراد منها سوى الاستهزاء والاستخفاف، بل تجعل من الدول الأخرى تنظر إلينا بشيء من السخرية. هذا بالحرف الواحد تجهيل بدعم رسمي.

مسؤول في الإعلام يخرج بوعود عن قرب طرح نظرة أقل تشدداً في الرقابة على الأدب والفن والكتابة بعد مرور فترة من تطبيق قوانين أرجعت الكويت إلى عصور ظلامية تجاوزتها أنظمة سياسية محيطة. والسبب كما يقول هذا المسؤول أن المراجعة مطلوبة بين وقت وآخر!

مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي هي مستودع قوت الناس بعد التقاعد، هذه المؤسسة المكلومة بالخطف والسرقة تتعرض اليوم لابتزاز نيابي– حكومي من أجل إسقاط فوائد القروض لمصلحة استجوابات الخيبة البرلمانية! هل هذا عمل سياسي حصيف؟

الهجوم المبتذل على إخواننا المقيمين والمتكرر بصحبة إعلامية صامتة أو مؤيدة بخبث، ترى لدى شريحة لا بأس بها من المواطنين نبرة تأييد لا تقل خطورة عن متبنيها من بعض النواب، وفي المقابل تجد مؤسسة ذات صلة بهذه الشريحة كغرفة التجارة والصناعة صامتة صمت القبور عن شرح أهمية اليد العاملة غير الكويتية في تعمير البلاد الذي فشلنا في التفرد به بأيد وطنية طوال ٥٠ سنة من بيع النفط.

صوت الحكمة غائب، القدوة نادرة، الإعلام في أغلبه تابع لا مستنير، وفي حالات مُحرض، ونحن نحرق مصالحنا العامة بسبب الجهالة وقلة الوعي.

back to top