قوانين الإصلاح السياسي تغيب عن المشهد البرلماني

تعديل الدوائر وقوانين الإعلام وحرمان المسيء كانت أولويات وانتهت فور تقديمها
• التضييق على الحريات أكثر خدمة للنواب الحاليين لتجاوز الانتقادات الشعبية لأدائهم

نشر في 18-06-2019
آخر تحديث 18-06-2019 | 00:15
No Image Caption
رغم كل التصريحات النيابية عن ضرورة إصلاح النظام الديمقراطي في الدولة وتطويره، وما قُدِّم من مقترحات بقوانين بشأن هذا الأمر، فقد غابت تماماً عن المشهد البرلماني قوانين الإصلاح السياسي، وظلت في أروقة اللجان، بين نقاشات لا تنتهي، أو رغبة في دفنها بعدما تغيرت خريطة الحسابات.

شارف دور الانعقاد الثالث نهايته، ولا يزال جدول أعمال مجلس الأمة يخلو من تقارير قوانين تعديل النظام والدوائر الانتخابية، وحرمان المسيء، وتعديلات القوانين الإعلامية، وكلها كانت أولويات نيابية في الحملات الانتخابية وبداية دور الانعقاد الأول، غير أنها انتهت فور تقديمها، مما يجعلها أقرب إلى أن تكون مجرد إبراء للذمة من الرغبة الفعلية في الإصلاح، وتحويله إلى واقع تشريعي.

ويعزو بعض النواب تأخير إقرار تلك القوانين إلى إهمال اللجان البرلمانية لها، وتأخرها في بحثها وإعداد التقارير النهائية بشأنها، وهو سبب قد يكون صحيحاً إلى حد ما، لولا أن هناك قوانين أخرى أقل أهمية حصلت على دعم نيابي كبير لاستعجالها، لاسيما تلك التي تحقق مكاسب شعبوية وانتخابية، مما يجعل التعذر ببطء عمل اللجان ليس كافياً أو حقيقياً.

تجاهل قوانين الإصلاح السياسي بالصورة الراهنة يشير إلى تحوُّل في القناعات النيابية بين مرحلة ما قبل الانتخابات وما بعدها؛ وعلى سبيل المثال فإن خوض الانتخابات وفق نظام الصوت الواحد ومعرفة مراكز القوى التصويتية للنائب اليوم يجعلانه أقل حرصاً على إعادة النظر في النظام الانتخابي حتى لا يدخل في مغامرة انتخابية لا يعرف نتائجها.

وفي ملف القوانين الإعلامية، يبدو واضحاً أن التصريحات بفتح أفق الحريات لم تنطلق من قناعة جادة بقدر ما جاءت استفادة من موجة خلقتها المعارك الانتخابية وأحكام سجن بعض الرموز السياسية لتحقيق نقاط تقدم في سباق الوصول إلى مجلس الأمة، بل إن التضييق على الحريات يبدو أكثر خدمة للنواب الحاليين لتجاوز الانتقادات الشعبية لهم ولأدائهم البرلماني.

ومن جانب آخر، فإن الحديث السابق عن سد الثغرة التي خلّفها حكم المحكمة الدستورية بإسقاط المادة ١٨ من لائحة مجلس الأمة لم ينتقل إلى مرحلة التشريع، فما شكل أزمة سياسية في حينه انتهى إلى لا شيء، ولم يقدم أي من المعترضين على حكم «الدستورية» تبريراً لتراجعهم عن تعديل اللائحة.

الأداء النيابي الحالي، انتصرت فيه الفوضى التشريعية على خطط الإصلاح السياسي، واستعجال القوانين الشعبوية ذات المكاسب الانتخابية يقابله تباطؤ في القوانين التي تحمل نوايا إصلاحية.

back to top