خاص

خبراء لـ الجريدة•: استهداف ناقلات النفط عمل استفزازي

«إيران لا تريد حلاً سلمياً ولديها خطط للهيمنة على المنطقة بأسرها»

نشر في 18-06-2019
آخر تحديث 18-06-2019 | 00:05
No Image Caption
أجمع عدد من خبراء النفط على أن عمليات استهداف ناقلات النفط الخليجية في الآونة الأخيرة تعد عملاً استفزازياً وتثير علامات استفهام حول الفاعل الحقيقي لضرب الناقلات وتدمير أجزاء منها، على النحو الذي شاهده العالم أجمع. وقالوا في تصريحات متفرقة لـ «الجريدة»، إنه إذا كانت الولايات المتحدة وجهت اتهاماً مباشراً لإيران بأنها وراء تلك الاعتداءات عبر وزير خارجيتها، «فإننا لم نر تحركاً أميركياً قويا على قدر الحدث؛ الأمر الذي يثير مخاوف من تكرار تلك الاعتداءات بشكل أكبر قد يؤدي إلى تدمير ناقلات تدميراً تاماً»... وفيما يلي التفاصيل:
بداية، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي إن مضيق "هرمز" ممر بحري دولي مهم، وهو المنفذ الوحيد لنقل النفط الخام ومشتقاته عبر الناقلات المتخصصة بهذا الشأن من دول الخليج العربي المنتجة للنفط الى أسواق العالم لتأمين احتياجاته من الطاقة، إذ يبلغ حجم الصادرات اليومية نحو 20 مليون برميل، بمعدل شحن نحو 20 ناقلة نفط تمر يوميا عبر المضيق.

وأضاف العوضي ان دول الخليج العربية تمتلك احتياطيا نفطيا كبيرا يبلغ إجماليه نحو 650 مليار برميل، ويمثل 38% من الاحتياطي العالمي، لذا تقع مسؤولية تأمين الممرات المائية في المضيق على عاتق دول المنطقة والدول المستفيدة من استخدام النفط.

تهديدات إيرانية

وتابع العوضي: "سبق أن تعرض المضيق لتهديدات إيرانية أعاقت حركة الملاحة الحرة فيه إبان حرب العراق وايران في منتصف الثمانينيات، مما دعا الكويت حينذاك الى توقيع اتفاقية حماية لبعض سفنها النفطية، ترفع بموجبها السفن الكويتية أعلام أميركا وبريطانيا، وبلغ عددها نحو 11 ناقلة، وتغيير اسماء الناقلات، مثل الناقلة الرقة أصبح اسمها Bridgeton، وام المرادم اصبحت Sea isle city وغاز المناقيش الى Gas prince".

واردف: "اضف الى ذلك تطلب الأمر توفير كاسحات الغام ودوريات وطائرات عمودية للاستطلاع ومعدات اكتشاف إلكترونية وسفن مكافحة حرائق النفط، وكانت التكلفة باهظة جدا، كما كانت الاتفاقية تشترط أن يكون قبطان الناقلة وبعض البحارة من الجنسية الأميركية والبريطانية، ورغم كل ذلك تعرضت بعض هذه السفن لحوادث اصطدام بلغم، واستهدفت أخرى بصاروخ إيراني!".

واشار الى ان من الوسائل التي يجب على الكويت ان تدرسها وتبحث سبل تحقيقها، إذا أرادت رفع انتاجها من النفط الى 4 ملايين برميل يوميا وفق خططها الاستراتيجية 2030–2040، هي:

1. ربط الكويت بشبكة أنابيب لتصدير النفط الكويتي من خلال العراق وربطها مع خطوط أنابيب العراق – تركيا، المعروف بخط سيهان، الذي ينتهي في ميناء سيهان التركي على البحر الابيض المتوسط، ليخدم زبائن المؤسسة في أوروبا.

2. ربط الكويت بشبكة أنابيب لتصدير النفط الكويتي من خلال العراق، وبشبكة أنابيب الى الاردن، وينتهي في ميناء العقبة الأردني، ومن ثم العبور عبر قناة السويس لزبائن المؤسسة في أوروبا أو التفرع في اتجاه باب المندب لزبائن المؤسسة في آسيا.

3. ربط الكويت بشبكة أنابيب لتصدير النفط الكويتي من خلال العراق، وبشبكة متعطلة حاليا في سورية ينتهي بميناء بانياس السوري.

4. خط الأنابيب السعودي أصبح اليوم بعد قصفه وتعرضه لأعمال تخريبية خيارا غير عملي وغير آمن لتصدير النفط الكويتي، وكذلك خط الأنابيب السعودي الاماراتي الذي ينتهي بميناء الفجيرة المطل على بحر عمان خيار غير عملى وغير آمن لتعرض السفن لاعمال تخريبية.

5. استئجار خزانات ارضية، كما كان سابقا، قريبة من أسواق وزبائن المؤسسة في سنغافورة وكوريا الجنوبية، وكذلك في البحر الابيض المتوسط مع شركة سوميد المصرية.

6. استخدام ناقلات النفط العملاقة الكويتية كخزانات نفط عائمة تستقر خارج بحر عمان.

تدفق النفط

وذكر العوضي أن هذه الخيارات تخضع لاعتبارات سياسية، وبما يتوافق مع سياسة الكويت الخارجية ومصالحها، لتحقيق الاستفادة القصوى من استمرار تدفق النفط الى جميع انحاء العالم دون إعاقة، وحماية المصالح الاقتصادية الكويتية المتمثلة في عصب الاقتصاد الوطني في آن واحد، لذا يتحتم على السياسيين ووزارة النفط ومؤسسة البترول إيجاد أفضل الحلول المناسبة وفق المعطيات الراهنة والرؤية المستقبلية للأحداث على ضوء الخطط الاستراتيجية الموضوعة.

‬مكان آمن

من ناحيته، قال عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التكنولوجية قسم هندسة البترول د. أحمد الكوح إن من المفترض أن تكون المضائق مكان آمن لا يحتاج الى حماية خاصة.

واضاف الكوح ان تزامن التهديدات مع وقف صادرات النفط الإيراني ليس دليلا كافيا على أن من فعل ذلك الحكومة الايرانية، كما انه ليس من الدقة الاشارة الى ايران في ذلك؛ لكن بدون شك جميع الآراء تجتمع على أن الهجوم الاخير على الناقلات جاء من مكان قريب من الأراضي الإيرانية.

ولفت إلى أنه في الوقت نفسه كانت هناك تطمينات إيرانية بعدم الاعتداء على أي مصالح خليجية خاصة النفطية منها، مفندا الآلية التي يجب اتباعها لحماية ناقلات النفط في المضائق والممرات المائية في الآتي:

1– التنبيه على الدول التي تقع على تلك المضائق والممرات بأنه من الواجب عليها توفير الحماية والأمن اللازمين لعدم العدوان على الناقلات.

2- تكثيف التواجد العسكري في هذه الممرات والمتابعة الحثيثة من أجل التصدي لأي عدوان بشكل رادع لا شبهة فيه، لمنع حدوث أي اعتداءات مستقبلية على الناقلات النفطية، لأن الاعتداءات المتكررة قد تزيد تكاليف التأمين، وهذا بطبيعة الحال قد يكون سببا في العزوف عن الحصول على النفط الخليجي، مما سيسبب أضرارا جسيمة في الجسد الاقتصادي لدول الخليج.

واشار الكوح الى أن الهجوم على الناقلات من خلال ضربها بطوربيدات، وهو ما حدث للمملكة العربية السعودية، وهذا متعارف عليه عالميا، من الصعب التصدي له.

وحدات أمنية

وأعرب الكوح عن توقعه أن تكون هناك بالفعل وحدات امنية تقوم بحماية مضيق هرمز تحديدا، لأن ذلك سيشكل في نظر المعتدين قوة رادعة ستكون جاهزة للرد الفوري على مثل تلك الاعتداءات، ويفضل أن تكون الممرات البحرية تحت إشراف دولي لأن الاشراف أو الحماية الخليجية أو العربية قد تؤجج الموضوع، لان الجميع يعلم الصراع الخليجي - الايراني.

وشدد على "اننا بالفعل بحاجة الى جهة محايدة من اجل حماية وتأمين الممرات المائية"، معتبرا ان مثل تلك الحماية للممرات المائية الدولية لا تمثل أي انتهاك لسيادة بعض الدول، لان الحماية ستكون للممرات الدولية المشتركة وليس في المياه الاقليمية الخاصة.

وأوضح انه من الطبيعي أن من سيقوم بتحمل النفقات هي دول الخليج المتضررة، لأنها هي التي تريد حماية ناقلات نفطها من القرصنة والاعتداءات؛ معربا عن اعتقاده بأن الأسعار لن تتأثر بضرب ناقلة أو اثنتين، لكنها تتأثر بالحرب طويلة المدى.

أسعار التأمين

من جانبه، أكد الخبير النفطي د. طلال البذالي أنه لا توجد طريقة لتأمين ناقلات النفط عبر الممرات البحرية، حتى لو زادت أسعار التأمين.

وأردف البذالي: "طالما أن هناك عملا إرهابيا ضد الناقلات من خلال ضربها بطوربيدات لن يستطيع أحد إيقافها حتى لو وصلت كل الأساطيل لتأمينها، لأن تلك الطوربيدات صعبة الاصطياد".

وأشار إلى أن الحل الوحيد أن تمتنع تلك الدول المتهمة في هذا الإطار عن تعمد الناقلات برضاها أو طوعا، من خلال قوى الردع لإجبارها على التراجع.

اتهام مباشر

وتابع البذالي: "إذا كان هناك اتهام مباشر من الولايات المتحدة لإيران فلماذا لم تتم مخاطبتها بشكل مباشر في هذا الشأن"، لافتا إلى أن استمرار استهداف ناقلات النفط يعد خطرا كبيرا على النفط والصناعة النفطية بشكل عام.

وأشار إلى أن ما يحدث الآن من استهداف لناقلات النفط هو عمليات استفزاز فقط؛ "لكن من الممكن أن نرى فيما بعد استهدافا مباشرا وتدمير ناقلات تدميراً تاماً، مما سيصعب الأمر، لأن ذلك سيتسبب في تفريغ حمولة تلك الناقلات في البحر، مما سيؤدي إلى تلوث البيية البحرية بشكل مفرط".

وشدد على أنه لا توجد طريقة أخرى إلا بعمل رادع لحماية المنشآت النفطية والممرات البحرية الخاصة بناقلات النفط.

تحرك قوي

وأفاد البذالي بأن هناك من يحاول تعميق جراح دول الخليج، لافتا الى أن تصريحات وزير خارجية اميركا بومبيو بأن إيران هي المسؤولة عن تلك الضربات لا تحمل أي دلائل، "وبالتالي أرى انه لا يوجد تحرك قوي من قبل الولايات المتحدة نحو الردع العسكري".

وأعرب عن اعتقاده بأن ما يجري هو عملية ابتزاز بشكل علني وواضح لدول الخليج، مشيرا الى ان لديه يقينا تاما بأن إيران لا تريد حلا سلميا، وان لديها مخططا للهيمنة على دول الخليج.

وبين أن ترامب لن يقود حربا وهو مقبل على انتخابات رئاسية جديدة، لأنه تعهد خلال فترة ترشحه للرئاسة الأولى بأنه سيسحب كل القوات الأميركية من الخليج ودول أخرى.

مسؤولية تأمين الممرات المائية تقع على عاتق دول المنطقة والدول المستفيدة من استخدام النفط العوضي

أسعار النفط لن تتأثر بضرب ناقلة أو اثنتين لكن بالحرب الطويلة المدى الكوح

لا طريقة لحماية ناقلات النفط عبر الممرات المائية إلا بعمل عسكري رادع للفاعل البذالي
back to top