رياح وأوتاد: تعلموا من نتنياهو ولا عزاء لفلسطين

نشر في 03-06-2019
آخر تحديث 03-06-2019 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر فرض نتنياهو حل البرلمان الإسرائيلي بعد شهرين من انتخابه لأن رؤيته للقادم من الأيام تدعو إلى تشكيل برلمان جديد يعطيه مزيداً من القوة لتحقيق أهداف حكومته وترتيباتها في التغلغل داخل جميع الدول المحيطة بفلسطين، وتمرير صفقة القرن واستمرار المحافظة على التفوق اليهودي على جميع الدول العربية والإسلامية.

وقد تبدو أنها مهمة صعبة، ولكن نتنياهو وضع خطته الذكية ويعمل بحرفنة على تنفيذها، وبدأ بحل دستوري للبرلمان، وأعتقد (والأمر كله بيد الله) أنه سيستطيع تنفيذ خطته أو قسم كبير منها، لأن الدول العربية في أسوأ حالاتها، وأيضاً لأن النظام الإسرائيلي يعمل بطريقة علمية تفتقدها جميع الدول العربية للأسف.

فلو أخذنا الكويت مثلاً وهي أفضل دولة عربية لوجدنا أنه بالرغم من توافر الحريات الهائلة ووجود مجلس منتخب والعلاقة الممتازة بين الحكم والشعب، وثروة لا بأس بها، فإن جميع الخطط والأمنيات الكبيرة قد باءت بالفشل.

فما زلنا نعتمد، بعد الله، على مصدر واحد للدخل الذي لا نملك حتى سلطة تحديد سعره، أما دور القطاع الخاص في التوظيف وتقديم الخدمات وتمويل الميزانية فلا يكاد يذكر، ومعظم الأعمال الفنية يقوم بها الوافدون، كما أن مخرجات التعليم في وادٍ وسوق العمل في وادٍ آخر، وجميع مؤشرات بلدنا المتعلقة بالتنمية والفساد والتعليم والتنافسية في ذيل قائمة دول العالم.

لذلك حذرت جميع الدراسات الاقتصادية من مستقبل مظلم إذا استمرت الأوضاع الحالية دون إصلاحات ضرورية على أساس علمي.

وإذا كان هذا وضعنا في الكويت، فكيف هو وضع كثير من الدول العربية الأخرى المتخلفة، حيث لا توجد مشاركة شعبية حقيقية، وعلاقة الحكم فيها مع الشعب تشوبها المظاهرات والاغتيالات والاعتصامات اليومية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي؟

لذلك أرى أن نتعلم من الدول التي تقدمت ومن عدونا أيضاً (فليس من العيب أن تتعلم من عدوك إذا كان ناجحاً حتى تواجهه)، فتضع الحكومة أو على الأصح أن يضع الحكم خطوات علمية وعملية للإصلاح في جميع المجالات، وأهمها التعليم وربطه بسوق العمل، والبدء فوراً بصنع المستقبل بالإصلاح الاقتصادي وعدم الاعتماد على مصدر أحادي للدخل، وتعديل سوق العمل ومساهمة القطاع الخاص في التوظيف والدخل، والقضاء على الفساد واستغلال النفوذ.

وبما أن بعض هذه الخطوات يعد صعباً وغير شعبوي فقد يتطلب تنفيذها إقصاء أي معطل لهذه الإصلاحات، ولو أدى ذلك إلى حل مجلس الوزراء أكثر من مرة إذا لم يستطع تمرير الإصلاحات المطلوبة، أو إلى حل مجلس الأمة مرات عديدة إذا كان معطلاً لقوانين الإصلاح ومشرعاً للقوانين الشعبوية المضادة للإصلاح، أو إذا كان مبتزاً للوزراء ولنظام الحكم من أجل تحقيق مصالح ذاتية أو انتخابية.

يجب أن يعلم جميع الوزراء وأعضاء مجلس الأمة أن مشاركتهم في الحكم إنما هي مرهونة بتحقيق وضع ومستقبل أفضل للبلاد، وأن مسؤوليتهم هي تحقيق الإصلاح بالطرق والوسائل العلمية التي تكفل مستقبلا أفضل، وإلا فلا مكان لهم في مقاعد الحكومة والمجلس، حتى لو تحققت لهم أغلبية مزيفة بالمساومات والصفقات.

ومن المفارقات العجيبة ذات المدلول العلمي والعقائدي أنه لا أحد من العرب يتصدى اليوم لغطرسة بني إسرائيل وخطتهم الشيطانية تلك إلا أولئك المجاهدين الفلسطينيين بالرغم من ضعفهم وقله عددهم وعتادهم.

إن إلقاء نظرة واحدة على ما يكابده أهل فلسطين الشرعيون وفقاً للشريعة الإسلامية والقانون الدولي من ظلم وانتهاكات يومية في الأرواح والأعراض والحقوق لهي كفيلة بتذكير العرب والمسلمين كم هم متخلفون وبعيدون عن النصر والتفوق، ولو عقدوا ألف مؤتمر في أكثر من ليلة قدرٍ التي هي خير من ألف شهر.

back to top