تقرير «الكهرباء والبنزين» مدرج منذ سنتين!

● داء الدورة المستندية في الجهات الحكومية يُعدي مجلس الأمة
● وزارة المالية رفضت المقترح لمخالفته الدستور ومكافأته للأكثر إسرافاً

نشر في 22-05-2019
آخر تحديث 22-05-2019 | 00:13
اللجنة المالية البرلمانية في اجتماع سابق
اللجنة المالية البرلمانية في اجتماع سابق
رغم شكوى أعضاء مجلس الأمة طول الدورة المستندية في الأجهزة الحكومية، وما يترتب عليها من تعطيل المشاريع وأثرها السلبي على المال العام، فإن هذا الداء الحكومي ليس ببعيد عن السلطة التشريعية، وهو ما بدا جلياً بعد تقديم عدد من النواب طلباً لاستعجال مناقشة الاقتراحات بقوانين بشأن أسعار البنزين والكهرباء، إذ اتضح أن تقرير اللجنة المالية البرلمانية بهذا الصدد أُنجِز قبل سنتين بالضبط!

سنتان استغرقتهما الدورة البرلمانية لمناقشة هذا التقرير، والذي لولا طلب استعجاله لما رأى النور في قاعة عبدالله السالم، وليس محتّماً أن تتحقق تلك المناقشة، فقد تقاطع الحكومة الجلسة أسوة بما فعلته في جلسة «العفو الشامل»، أو قد تحضرها وتناقشها بسرية، كما حصل لدى مناقشة الاستعدادات الحكومية للطوارئ.

وبالعودة إلى تقرير اللجنة، يتضح أن الحكومة معارضة للاقتراحات التي اشترطت أن تكون أي زيادة على الرسوم والتكاليف المالية بقانون يصادق عليه مجلس الأمة، حيث ترى وزارة المالية أن هذا الاقتراح مخالف لنص المادة 71 من الدستور التي أجازت لسمو أمير البلاد إصدار مراسيم بقوانين (مراسيم ضرورة) في غياب المجلس، مما يعني أن تلك الاقتراحات تمثل مصادرة لحق سموه في إصدار قرارات لها قوة القانون.

كما رأت الوزارة أن في تلك الاقتراحات مخالفة للمادة 20 التي تنص على أن أساس الاقتصاد الوطني هو العدالة الاجتماعية، في حين أن التعديل التشريعي المقترح يجعل الشخص الأكثر استهلاكاً والأشد إسرافاً هو المستفيد الأكبر من الدعم، فضلاً عن مخالفة المادة 134 التي أعطت المجلس حق تشريع الضرائب، أما الرسوم فتركتها بيد السلطة التنفيذية.

غير أن «المالية» البرلمانية رفضت مبررات الحكومة، وأكدت دستورية الاقتراح وانتهت إلى إقراره، ورأت أن الوضع المالي في الكويت متين بحسب مؤشرات التصنيفات الائتمانية، كما أن زيادة أسعار الكهرباء على القطاع التجاري والصناعي والاستثماري ستنعكس على المواطنين بشكل غير مباشر، محمّلة الحكومة مسؤولية عدم مراجعة أسعار البنزين كما وعدت، وعدم إيفائها بوعد تقديم الدعم للمواطنين.

الجدير بالذكر أن جذور هذا التعديل تعود إلى قانون المديونيات الصعبة، والقانون 79 لسنة 1995 الذي صدر بعده، بشأن الرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات، والذي أقره المجلس آنذاك لمنع الحكومة من زيادة الرسوم على المواطنين، وخلق توازن بين تداعيات إقرار «المديونيات الصعبة» والموقف الشعبي منه.

إلا أن قانون الرسوم لم يمنع الحكومة من زيادة الأسعار والأثمان التي تقدمها الهيئات والمؤسسات العامة ذات الميزانيات الملحقة والمستقلة، وهو الباب الذي نفذت منه الحكومة لزيادة بعض رسوم الخدمات بما فيها سعر البنزين.

التقرير الذي سيناقشه مجلس الأمة مضى عليه سنتان، تغير فيهما الكثير من الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما قد يتطلب تحديثه قبل اتخاذ قرار بشأنه، سواء بإلغاء الزيادات السابقة وإلزام الحكومة بإقرار أي زيادة بقانون، أو الإبقاء عليها، وفي كل الأحوال فإن القرار السليم ينبغي أن يكون مبنياً على أرقام جديدة لا على تقرير مضى عليه عامان.

back to top