مبارك الحديبي ترك إرثاً غنائياً متنوعاً في الساحة الخليجية

أغنية «أودعك» بصوت الفنان حسين جاسم بداية انطلاقته

نشر في 22-05-2019
آخر تحديث 22-05-2019 | 00:00
صاحب الكلمة والحس المرهف الذي طالما طربت لكلمته الأذواق، وهو من أشهر شعراء الأغنية الكويتية منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، أثرى المكتبة الغنائية الكويتية بكثير من الأغاني المنوعة والسامريات الجميلة التي لاقت إعجابا وقبولا لدى المستمعين، نظرا لنكهتها الخاصة في الكتابة، ولسهولة لفظها ورقّة معانيها وأصالتها المستمدة من التراث الكويتي العريق، والذي حافظ عليه ووظفه بصورة جميلة في العديد من أغانيه، فلاقت استحسانا لدى كل المطربين الذين تعاون معهم، سواء كانوا مخضرمين أو جددا، فشدوا بكلماته التي صاغها لحنا كبار الملحنين الكويتيين والخليجيين.
اسمه الكامل مبارك محمد راشد الحديبي، من مواليد الكويت في 1 يناير عام 1946، عاش طفولته في أحضان حي المرقاب، درس في مدرسة ابن زيدون ثم بمدرسة حولي المتوسطة، متزوج وله ابن (محمد). وتوفي الحديبي عن عمر ناهز 72 عاماً.
في عام 1961 وظّف في وزارة الإعلام، ثم أُوقف عن العمل لصغر سنه، إذ قال له أحمد السقاف: ارجع أكمل دراستك وتعليمك يا ابني، فحزن الحديبي، ثم عاد للعمل بعد عام، وشغل منصب فني مراقبة في الإذاعة، فكان من أوائل الكويتيين الذين عملوا في الجهاز الإعلامي الحكومي. كما أصبح عضوا في جمعية الفنانين الكويتيين، وشارك في مجلس الإدارة لسنوات. وفي الثمانينيات اختير عضوا في لجنة إجازة نصوص الأغاني، وكرّمته وزارة الإعلام ومجموعة تقدير عام 2013.

بدايته

اكتشف الحديبي أن لديه موهبة شعرية، وبدأ الشاعر محاولات عكست مشاعره، وهكذا اكتشف ميله لكتابة الشعر، فراح يكتب ويطلع صديقه أحمد الدخيل فحسب على أشعاره، وبعد فترة بدأ أصدقاؤه يتعرفون إلى موهبته في كتابه الشعر الغنائي.

وبعد ذلك التقى الراحل بالفنان القدير يوسف دوخي في الإذاعة الكويتية، واستمع إلى كلمات أغنية «ليلي أنا سهران»، وأجيزت فكانت الخطوة الأولى نحو الاحتراف. وتعتبر أغنية «أودعك» بصوت الفنان القدير حسين جاسم وألحان الفنان عبدالرحمن البعيجان بداية انطلاقة مبارك الحديبي كمؤلف أغان.

شكّل الحديبي منذ بداياته ثلاثياً ناجحاً مع المطرب عبدالمحسن المهنا وشقيقه الملحن يوسف المهنا، وكانت ثمرة هذا التعاون أغنيات ناجحة من بينها: «كلن بقلبه» (1974)، «على خير»، «حبيبي تمسكن»، «دار الهوى»، «هلي يا قمرة»، «نار الهوى».

أشهر أغانيه

قدّم الشاعر مبارك الحديبي الكثير الأعمال الغنائية الرائعة التي تنوعت ما بين الرومانسي العاطفي والوطني. ومن بين أشعاره أغنية «صادني» للفنان نبيل شعيل، وأغنية «منسية» و«مباركين» للفنانة عائشة المرطة، وأغنية «قلبي ارتجف» للفنان غريد الشاطئ، وأغنية «شفتك» و«سامحني خطيت» للفنان عبدالكريم عبدالقادر. وكتب الراحل أيضا كلمات أغنية «ما اوعدك» للفنانة نانسي عجرم، و«عفناك» للفنان راشد الماجد، و«المزيون» للفنان رابح صقر، و«اسكت ولا كلمة»، و«اشكي»، و«الصدفة»، و«الكبر لله» للفنان عبدالله الرويشد، وأغنية «ابعد وخلني» للفنان طلال مداح.

وقدّم الحديبي أغنية «انتوا الَّلي تغيَّرتوا»، و»حس طار» لفنان العرب محمد عبده، وأغنية «طرا البارحة شي على البال» للفنان خالد عبدالرحمن، كذلك قدّم للفنانة نوال أغنية «فز قلبي»، وأغنية «يزيد شوقي».

المسباح

أول أغنية سجّلها المطرب الشاب محمد المسباح كانت من ألحان صديق له يهوى الفن، ولديه استديو مصغّر في بيته، ويسير في الخط نفسه الذي يسير فيه محمد المسباح، لا سيما في اهتمامه بدراسة آلة العود.

سمع الأغنية الشاعر الغنائي مبارك الحديبي فسمّعها بدوره للمنتج محمد الصقعبي، واجتمعا مع الفنان القدير غنام الديكان والفنان الراحل مرزوق المرزوق والملحّن يوسف المهنا، وكانت الجلسة بمنزلة لجنة قيّمت صوت محمد المسباح، وأبدت استعدادها لتقديم ألحان له. ويعتبر المسباح أحد أبرز المطربين الكويتيين الذين تعاون معهم الحديبي، إذ قدم له مجموعة من الأغنيات من بينها أغنية «برد ودفا» من كلمات الشاعر الحديبي، وغناء وألحان المسباح، وأغنية «ماني معاتبك» غناء وتلحين المسباح، ومن كلمات الحديبي، وأغنية «منتي منسية» من غناء وتلحين المسباح، وكلمات الحديبي.

نبيل شعيل

تعاون الفنان نبيل شعيل مع الحديبي في العديد من الأعمال الناجحة، ومن أشهر الأغاني التي قدمها شعيل من كلمات الحديبي «منك يا سمره» في عام 1984 من ألحان سليمان الملا، و«صادني»، التي ما زالت تذاع إلى اليوم، وحققت نجاحا كبيرا، نظرا لأسلوبها ورقّة معانيها.

وبعد هذا التعاون تكرر التعاون في أغنيات كثيرة؛ منها «البارحة»، «اللي ماله أول» و«جيتك»، و«على خير» و«لا تصدق» من تلحين عبدالله الرميثان، «يا أنت واحد» من تلحين طلال مداح، «الله ياشي تلالا»، واللي ماله أول»، و«أنا يا خلي» من تلحين يوسف المهنا، «تغالط إحساسك» من تلحين محمد البلوشي.

«المجلس الوطني» كرّمه في «القرين 23»

في دورة مهرجان القرين الـ 23، كُرِّم الشاعر الكبير مبارك الحديبي، وأطلق المهرجان أشعار الحديبي التي تألّق بها نجوم الأغنية الكويتية الحديثة الفنانون مطرف المطرف، وفواز المرزوق، وفهد الحداد، وفيصل السعد بألوان الغناء العاطفي والشعبي والسامري، الذي نسج أبياته الشاعر الغنائي الكبير مبارك الحديبي. وحضر الحفل كوكبة من الفنانين أمثال الملحن القدير يوسف المهنا والفنان نبيل شعيل، وغنام الديكان، ونجم العميري، ومحمد المسباح، وغيرهم.

وفي كلمته ثمّن الأمين المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بدر الدويش، الدور الكبير للشاعر مبارك الحديبي في رفعة الفن الكويتي، مؤكدا أن الحديبي يعد أحد أبرز كتّاب الأغنية الكويتية الحديثة، حيث أبدع بتأليف عشرات القصائد الزاخرة بالمفردات، التي ذاع صيتها في المنطقة العربية عامة ودول الخليج على وجه الخصوص، لافتا إلى أن المجلس الوطني ومهرجان القرين الثقافي يكرمان في شخصه الوفاء والإخلاص والمثابرة والتطور، ونموذجاً طيباً وصورة مشرفة للمواطن المحب لوطنه ولشعبه، والذي لم يتوانَ عن المساهمة في البناء الحضاري للكويت العزيزة. وتضمنت الاحتفالية عرض تسجيل مرئي عن مسيرة الحديبي الفنية وسيرته الذاتية، إضافة إلى شهادات فنية في حقه من ملحنين ومطربين من بينهم غنام الديكان ويوسف المهنا ود. عبدالله الرميثان ونبيل شعيل ومحمد المسباح.

وأعد الزميل صالح الغريب له كتيبا تذكاريا يتضمن السيرة، وكذلك كلمات لمجموعة من زملاء الدرب؛ منهم شادي الخليج، وغنام الديكان، ويوسف المهنا، وعبدالمحسن المهنا، وسالم الوهيدة، ود. يعقوب يوسف الغنيم، وعبداللطيف البناي، وخالد سالم الأنصاري وآخرون، وأيضاً تضمن الكتيب عددا من النصوص التي غنت له من مشاهير الأغنية الكويتية، مع نوت لها، ومن مميزات هذا الإصدار نشرت له صور قديمة وجديدة.

بدر بورسلي وأغنية «سامحني خطيت»

خصص برنامج «طربيات» حلقة كاملة لإلقاء الضوء على سيرة ومسيرة الشاعر الغنائي الراحل ودوره المهم في إيصال الأغنية الكويتية إلى ما وصلت إليه، من خلال السرد المعلوماتي الذي نُشر عن الراحل، ومن خلال المداخلات الهاتفية على الهواء مع نخبة من كبار الفنانين والشعراء في الكويت والخليج الذين أجمعوا على دماثة خلق الراحل ونقاء سريرته، وابتسامته التي لا تفارق شفتيه. وقال الشاعر بدر بورسلي في مداخلته إن الحديبي سبقه إلى كتابة أغنية «سامحني خطيت»، وأنه تمنى لو كان هو كاتبها. وذكر الملحن الكبير يوسف المهنا في مداخلته: كنا كأسرة واحدة ومعنا ماجد سلطان، مضيفا أن الحديبي بدأ مهندساً للصوت في الإذاعة الكويتية قبل ظهور موهبته الشعرية.

قصة أغنية «عاش سلمان»

تحدث الإعلامي د. أحمد العرفج في برنامج «يا هلا بالعرفج» عن الحديبي، وقال إن كلماته لما تتأملها كلمات إنسانية راقية، فقد تغنى بكلماته كثير من الفنانين، كما أثرى الأغنية الكويتية بنصوص جيدة أداها نجوم الغناء في الكويت والخليج من أمثال عبدالكريم عبدالقادر «سامحني» و«أخطيت»، وغنى له محمد عبده، والراحل طلال مداح، وعبدالمحسن المهنا، وغريد الشاطئ، وعبادي الجوهر، ونبيل شعيل وغيرهم.

وأضاف د. العرفج في حديثه عن شخصية الحديبي أنه عاش بسيطا، وكريما، ومتسامحا، ومات شهما ونبيلا.

وقال العرفج إن الحديبي كتب أغنية «عاش سلمان»، وعن قصة الأغنية ذكر أنه عندما سأل الموسيقار د. طلال عن قصة الأغنية «عاش سلمان»، قال د. طلال إن لديه أفكارا عن أعمال وطنية ممتازة، وما زال وهو يفكر في الأعمال الوطنية وكيفية تنفيذها خطر في باله الشاعر مبارك الحديبي، لأنه يعرف حبه للملك سلمان شخصيا وحبه للمملكة، وأوضح العرفج أن د. طلال تحدث مع الراحل، فوفقه الله في كتابة الــنـــص الجميـــــل، ووفــــق د. طلال في تلحين العمل.

ولفت إلى أنه تم تركيب الصوت في وقت قصير بين الفنانين عبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد، وعن طريق الموزع الموسيقي طارق عاكف، والمشرف العام للعمل خالد أبو منذر. وأوضح العرفج أنه سمع الأغنية بكل الدول العربية التي زارها. وجاءت كلمات «عاش سلمان»، على النحو التالي:

عاش سلمان يا بلادي.. عاش سلمان

عاش سلمان ملكنا.. عاش سلمان

والشعب كله يردد.. عاش سلمان

غنت الدنيا وغنت البلد

غنت الأمجاد لك يا بو فهد

تكتب لك الفرحة أحلى قصيد

افتخرنا فيك يا وجه السعد

أنت سلمان ما مثلك مثيل

وإن وجد مثلك صدقني قليل

الحديبي أثرى المكتبة الغنائية الكويتية بكثير من الأغاني المنوعة والسامريات الجميلة

اكتشف ميله لكتابة الشعر فراح يكتب ويُطلع صديقه أحمد الدخيل
back to top