أي صحوة وأي اعتذار؟!

نشر في 12-05-2019
آخر تحديث 12-05-2019 | 00:09
كان يمكن أن ينهض هذا الدين من خلال استجلاء قيمه الحضارية الراقية، لكن "الصحوة" حصرته في الشعائر واللباس والمال والتجنيد لأغراض التبست في دهاليز السياسة القذرة.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

خمسة أشخاص يموتون شهرياً بسبب المخدرات في الكويت منذ بداية هذا العام، الحصيلة إلى اليوم ٣٠ شاباً، ماذا قدمنا للشباب؟

***

ما الصحوة الإسلامية؟ ولماذا الاعتذار باسم الصحوة؟

على وقع اعتذار الداعية عايض القرني للمجتمع السعودي عن أخطاء الصحوة الإسلامية أسجل هذه الملاحظات:

إن الأخطاء لا تخص المجتمع السعودي فقط، بل أكثر مجتمعات الدول العربية ومنذ بداية سبعينيات القرن الماضي حتى بدايات الألفية الثانية، والتي قضت على الجانب الحضاري الواسع لتعاليم الدين الإسلامي وبشكل كارثي ومأساوي.

هي ليست بأخطاء، بل جرائم كاملة الأركان بحق الشعوب، تحققت بدعوى الدين والفتوى والتهديد والوعيد ونشر الكراهية لغير المسلمين وتكفيرهم، واستخدام العنف وتجنيد الشباب والتغرير بهم وتطويعهم في مراكز "الوعظ".

جرائم الصحوة شوهت دور المرأة العظيم في المجتمع، وأقصتها أيما إقصاء، وحاربت مشاركتها السياسية، وحين فُرضت هذه المشاركة من قِبل الأنظمة استجابة لضغوط دولية قامت هذه الصحوة باستغلال النساء بكل بشاعة لقفز الرجال إلى مقاعد البرلمان، والكويت نموذج ناصع في هذا المجال.

في حضن الصحوة تم ابتكار زواج المسيار والشكليات كاللحى والملابس وطريقة التحدث مع عامة الناس، نعم في حضنها ومن خلالها تغلغلت الخلافات داخل البيت الواحد باسم الاستدلال على "الطريق القويم"، وحرمتم الفنون والأغاني والموسيقى.

باسم الصحوة تم السكوت عن جرائم التفجير والقتل التي ارتكبها إرهابيون سكوتاً مريباً، وكأنه تأييد المُستحي! وفي حضن هذه الصحوة جرى استلاب أموال الناس بحجة دعم الجهاديين المتاجرين بالمخدرات في دول عدة.

يا أهل الصحوة المكذوبة، لقد أضعتم من عمر الشعوب ٤٠ عاماً، لأنكم لم تلتفتوا إلى الجانب المشرق من الإسلام، إسلام التعايش والسلام، إسلام حقوق الإنسان والحضارة.

أنتم لستم مخطئين، أنتم مجرمون بحق دين ملايين البشر، وبسبب غلظة خطابكم صارت بناتنا وأبناؤنا محط ريبة وشك وهم على مقاعد الدراسة في جامعات الغرب.

لقد بشرتم قتلة الأبرياء بالجنة والحور العين، لقد أفل نجمكم وولى إلى غير رجعة، ولو كنتم فيما مضى في صحوة حقيقية لما آلت الأمور الاجتماعية والسلوكية التي حرصتم على تصويبها سابقاً إلى مدارك متدنية، فها هي موجات الضياع التي يعانيها الشباب في المخدرات والإلحاد وغيرها من الأمراض التي كنتم تدّعون محاربتها.

كان يمكن أن ينهض هذا الدين من خلال استجلاء قيمه الحضارية الراقية، لكنكم حصرتموه في الشعائر واللباس والمال والتجنيد لأغراض التبست في دهاليز السياسة القذرة، فما قيمة الاعتذار بعد قتل القِيَم؟ والسؤال الأهم هو: هل لدى من ينتمون إلى ما يُسمى "الصحوة" اليوم مشروع إنقاذ لحريق الأربعين عاماً الماضية؟

دعوا الدين كما كان قبل قدومكم إلى بيوت الناس بلا دعوة.

back to top