فنزويلا... تسلح فاق التوقعات والمخاطر

نشر في 10-05-2019
آخر تحديث 10-05-2019 | 00:00
هيوغو تشافيز - نيكولاس مادورو
هيوغو تشافيز - نيكولاس مادورو
يحتاج نصف الكرة الغربي إلى استراتيجية شاملة لليوم الذي يعقب الانهيار المحتمل، من أجل ضمان ألا تفضي تدفقات الأسلحة الى تقويض مثل تلك التطورات الإيجابية، ويمكن أن يشمل ذلك مشاطرة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بأسلحة تملكها فنزويلا، إضافة الى الجهود التقنية، لضمان أمن الحدود ومنع تهريب السلاح.
خلال العقدين الماضيين تسلحت فنزويلا بصورة فاقت أي دولة في نصف الكرة الغربي، ومع استمرار تردي الوضع الأمني في ذلك البلد، فإن إمكانية حصول الأيدي الخطأ على الترسانة العسكرية تشكل تهديداً خطيراً للاستقرار الإقليمي.

ويتعين أن تكون ضمانة أسلحة فنزويلا من الانتهازيين، الذي يتمتعون بخبرة واسعة في التهريب والجماعات الإرهابية من أولوية الأهداف التي تسعى إليها الولايات المتحدة وشركاؤها الإقليميون.

وكان الرئيس الفنزويلي الراحل هيوغو تشافيز، وبعده نيكولاس مادورو استخدما شعار «الغزو الأميركي» على شكل عذر من أجل شراء وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة كان معظمها من روسيا، وبين سنة 1999 و2019 تدفقت أسلحة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات على فنزويلا من الأسلحة الروسية بتمويل من قروض روسية.

غياب الشفافية

وعلى الرغم من غياب الشفافية التي تجعل المساءلة شبه مستحيلة، فإن حكومة فنزويلا اشترت في السنوات القليلة الماضية مجموعة من صواريخ إس- 300 المضادة للطائرات الروسية الصنع، واستوردت مئات الآلاف من بنادق كلاشنكوف والذخيرة، إضافة إلى أنظمة دفاعية من روسيا، وهذه الأسلحة هي ما تعرض في العروض العسكرية في فنزويلا، ومما لا شك فيه أن هناك المزيد من هذه الأسلحة لدى القوات الفنزويلية.

ويعتبر أمن هذه الأسلحة موضع شك متزايد، ومع ضعف سيطرة الرئيس مادورو على الحكم يسهل رؤية مستقبل يقوم فيه رجال الفساد ببيع كميات من هذه الأسلحة، من أجل تحقيق ربح سريع قبل الانشقاق عن الحكومة المنهارة. وحتى إذا تمكن مادورو من السيطرة على الحكم يوجد سبب للقلق حول تسرب أسلحة ومعدات حربية من البلاد، ويعاني الجيش الفنزويلي درجة عالية جداً من الفساد، ولديه علاقات واسعة مع رجال العصابات الإقليمية والجماعات الإجرامية، التي تلعب دوراً نشيطاً في تهريب المخدرات والأسلحة.

من جهة أخرى، هناك اجرسيتو دو ليبيراسيون ناسيونال، وهي حركة رجال عصابات كولومبية لديها علاقات تعاون مع الجيش في فنزويلا، وفي حقيقة الأمر فإن مثل هذه الجماعات في عهدي تشافيز ومادورو وجدت شريكاً عقائدياً ومصدراً للدعم يعول عليه.

انهيار محتمل

وتحقق جماعات تهريب المخدرات البرازيلية أيضاً المكاسب الكبيرة من الانهيار المحتمل للوضع في فنزويلا، وأسست جماعات مثل (العائلة الشمالية) حضوراً قوياً في عدد من دول المنطقة، كما أن العصابات البرازيلية اعتقلت وهي تقوم بتهريب الأسلحة العسكرية من فنزويلا إلى البرازيل.

وإذا انهارت كراكاس فلن يكون هناك ما يمكن أن يوقف نشاط تهريب السلاح، مع ما ينطوي عليه ذلك من خطر على المنطقة. وتستخدم جماعات التهريب أسلحة سهلة الحمل يصعب كشفها، وتستطيع الأسلحة الخفيفة التي تستخدم من على سطوح الأبنية إسقاط طائرة ركاب مدنية تحلق على ارتفاع أقل من 20 ألف قدم وعلى بعد يصل إلى 4 أميال.

ولدى مجموعات التهريب مصلحة قوية في الحصول على أسلحة، وبعضها قام بشراء مثل هذه الأسلحة بطريقة ناجحة وتم استخدامها ضد حوالي 40 طائرة مدنية حول العالم منذ عام 1975، وتمكنت من إسقاط 28 طائرة في تلك العمليات.

أسلحة مهربة

وإضافة إلى ذلك أيضاً، فإن انتشار الأسلحة التقليدية المهربة من الولايات المتحدة سيسمح للجماعات الإجرامية بإلحاق الضرر الكبير وتحدي سلطة الحكومات في شتى أنحاء ذلك الجزء من العالم. وتميل جماعات رجال العصابات الى تفضيل الأسلحة الخفيفة مثل الكلاشنكوف وبنادق القنص ومتفجرات سي 4 على شكل أدوات قياسية، للعمل في عمليات ارهابية والسرقات ومهاجمة قوى الأمن. ولدى الجيش الفنزويلي الكثير من هذه الأسلحة، ويمكن عرضها بسرعة لأعلى سعر. ولعل الأكثر اقلاقاً التقارير التي تحدثت عن أن العمل في معمل انتاج بنادق كلاشنكوف الروسية سيبدأ في نهاية هذه السنة مع إنتاج يبلغ 25 ألف بندقية في السنة.

وتجدر الإشارة إلى أن المحاولات الماضية للسيطرة على تدفق الأسلحة الصغيرة لا توحي بالثقة. وعلى سبيل المثال فإن برنامج صواريخ ستنغر الأميركية في أفغانستان كان مدمراً بالنسبة إلى الجيش الروسي في ثمانينيات القرن الماضي، وعلى أي حال كانت وكالة الاستخبارات المركزية لاتزال تشتري صواريخ ستنغر من السوق السوداء حتى سنة 2005، وتمكنت من استعادة جزء بسيط من الأسلحة الخطيرة التي نشرتها هناك.

موقف حرج

وفي حالة فنزويلا وبدلاً من العمل على التحقق من رقابة الأسلحة الصغيرة المهربة، فإن القوات الروسية المنتشرة في كراكاس كانت تمارس صيانة أنظمة الأسلحة الأكثر تعقيداً مثل الصواريخ المضادة للطائرات التي تنتشر الآن على مقربة من العاصمة.

وتجد الولايات المتحدة والحلفاء أنفسهم في موقف حرج بالنسبة إلى المعركة ضد الجريمة المنظمة للشركاء في أميركا اللاتينية، ويطبق الشركاء في تلك المنطقة اتفاقات سلام تاريخية تهدف الى تجريد الجماعات الإرهابية من السلاح، وتضاعف الجهود لإصلاح الأحكام والسجون، وتقليص عمليات غسل الأموال، والقيام بأعمال غير مسبوقة ضد الفساد.

استراتيجية شاملة

ويحتاج نصف الكرة الغربي إلى استراتيجية شاملة لليوم الذي يعقب الانهيار المحتمل، من أجل ضمان ألا تفضي تدفقات الأسلحة الى تقويض مثل تلك التطورات الإيجابية، ويمكن أن يشمل ذلك مشاطرة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بامتلاك أسلحة تملكها فنزويلا، إضافة الى جهود التقنية، لضمان أمن الحدود ومنع تهريب السلاح. ويتعين على الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة تعزيز الضغوط على روسيا إزاء بيع السلاح لزعزعة الأنظمة الدكتاتورية، وحتى تطبيق عقوبات على تصدير السلاح، ولا يكفي الأمل في أن هذه الأسلحة لن تقع في حوزة الأيادي الخطأ. ومثل هذا الفشل في التخطيط يمكن أن يفضي إلى موجة جديدة من العنف المدمر في نهاية المطاف.

'فورين بوليسي '

back to top