جيلالي عمران: الإبداع الجزائري يستعيد رونقه

فوز «البكاءة» بالمركز الأول وسام حقيقي... وباب دخولي للقاهرة والجوائز

نشر في 02-05-2019
آخر تحديث 02-05-2019 | 00:15
صدر للأديب الجزائري جيلالي عمران، أكثر من 6 روايات منها "المشاهد العارية، وعيون الليل، وأحلام الخريف، والمنافي، والغسّال، إضافة إلى روايته الأخيرة "البكاءة" التي فازت بالجائزة الأولى لمسابقة صالون نجيب محمود الثقافية، التي نظمتها دار شهرزاد للنشر بالقاهرة العام الماضي.
ويستعد جيلالي حاليا لكتابة عمل أدبي جديد، يرصد التغيرات التي طرأت على المجتمع الجزائري خلال السنوات الماضية، مؤكداً أن المشهد الثقافي الجزائري يستعيد رونقه بفعل الحراك الشعبي الكبير الذي يشهده راهناً.
حول روايته "البكاءة" وأعماله ومسيرته ورؤيته للإبداع الجزائري، والعربي... التقته "الجريدة"، وكان هذا الحوار.

● أعمالك الإبداعية، التي بدأتها بـ "المشاهد العارية، وعيون الليل، وأحلام الخريف، مرورا بالمنافي.. والغسّال، والبكاءة... كيف تصف هذه الرحلة الشاقة والممتعة معا؟

- بالفعل رحلة شاقة ومتعبة في نفس الوقت ممتعة جدا، مليئة بالمسرّات واللحظات الجميلة التي لا تنسى، جيلي "التسعيني" بدأنا الكتابة والجزائر دخلت نفقا مظلما، بالاغتيالات والدمار الكبير الذي عاشته الجزائر، إضافة الى الحصار الثقافي الذي مورس علينا، وكان دخول الكتاب الأدبي والمجلات الثقافية من المعجزات، أضف الى ذلك صعوبة النشر إن لم أقل إنه من المستحيلات، وعليه عشنا فترة رهيبة، حتى أخذت بعض الجمعيات على عاتقها مهمة نشر الكتب الأدبية، مثل جمعية الجاحظية التي يترأسها الروائي الكبير الطاهر وطار، رحمه الله، وجمعية رابطة كتاب الاختلاف على رأسها الروائي بشير مفتي، ورابطة إبداع، فهذه المحاولات على احتشامها وعدم احترافيتيها منحت لنا فرصة ومنبرا لنشر أفكارنا وقصصنا.

البكاءة والجوائز

● بالحديث عن "البكاءة" كيف كان استقبالكم عقب إعلان فوزكم بجائزة نجيب الثقافية؟

- صراحة كنت سعيدا جدا بفوز البكاءة بالمركز الأول، في مصر، وتلقيت الخبر بفرح كبير، وهو وسام حقيقي أضاف لي الكثير، سمحت لي الجائزة بنشر الرواية في دار شهرزاد، وبزيارة القاهرة، وبالتعرف على شخصيات أدبية وبالمناسبة أحيي د. نجيب محمود عبدالله مؤسس صالون نجيب الثقافي والجائزة.

● ما رأيكم في الجوائز الأدبية، وهل يمكن أن تثري الإبداع؟

- الجوائز الأدبية لها وعليها، ودائما تثير اللغط الكبير من هذه الجهة أو تلك، دائما تثير نفس التساؤلات والشكوك في كل دورة، لا تنتهي أبدا هذه الريبة من المسابقات الأدبية في نفس الوقت تجلب العدد الكبير من الكتّاب وهم في تسابق محموم لنيل شرف معانقة الوسام، أعتقد أن مهما كانت قيمة الجائزة ومستواها فهي لا تنقص أو تزيد من موهبة الكاتب، الكاتب الحقيقي الذي يؤمن بموهبته وقلمه عليه أن يكتب

ولا يلتفت الى الجائزة، إن كان جادا، فالجوائز هي التي تختاره، وخير دليل على ذلك الروائي العربي الكبير نجيب محفوظ الذي لم يسع مطلقا إلى الشهرة أو الجوائز أو المسابقات، فنال أرفعها على الإطلاق "نوبل".

بعض المسابقات فعلا تثري الإبداع الأدبي والروائي على الخصوص، نظرا لجديتها وصرامتها وحيادها. أتمنى أن تخلق مسابقات عربية مهمة قوية على غرار ما يحدث في الغرب كالبوكر مثلا، وجائزة غونكور العريقة.

حكايات المنافي

* ظهر بوضوح تأثركم بالوضع الراهن في مختلف البلدان العربية... فماذاعن رواية "المنافي.. وجعنا جميعا"... والتي رصدت بشكل أعمق الجرح السوري، وماذا عن الغسّال؟

- رواية المنافي... حكايات شامية كنتُ أتابع المشهد السوري برعب، لأنني أحبّ هذا البلد الجميل، فمشاهد الرعب اليومية والقتل الذي تمارسه الجماعات المسلحة من كلّ الجهات ضد الجميع جعلتني أكتب المنافي التي ترصد التراجيديا التي حدثت في سورية بعد أحداث درعا الأولى.

يروي تلك الأحداث المأساوية الثائر فراس الحلبي، المنضم إلى لواء ثوري يقوده عسكري سابق، ثم يكتشف فراس الانحراف الذي أصاب الثورة من خلال تصفيتهم لشبان لا علاقة لهم بالعمالة أو الخيانة، فيهرب من المعسكر، وقبل أن يطلق عمله الثوري كان عليه بفعل أخير وهو الانتقام من ساعي البريد السيد "منذر" الذي حطّم معظم شباب سورية وحلب تحديدا، بمقص الرقابة الذي يستعمله بغير حق، بحكم أنه بعثي صغير، فيمارس سلطته الدنيئة بعدم إرسال الرسائل لعشاق وأصدقاء داخل سورية وخارجها.

أمّا رواية الغسّال فهي في مرحلتها الأخيرة، ترصد بشكل ما الجزائر ما بعد الاستقلال من خلال وزير سابق كان يمثّل الطابور الخامس الذي شكلّته الإدارة الاستعمارية

وأعدتهم لتولي مقاليد الحكم بعد الاستقلال، وهو الذي حصل بالفعل، فالغسّال تكتب عن تشبث هذا الوزير بالسلطة إلى اللحظة الأخيرة من حياته، رغم فساده.

● بالعودة إلى البدايات وعملكم في مجال التدريس.. كونك معلما، ومربيا... هل أضاف إلى إبداعك الأدبي؟

التعليم من المهن التي تعيق الإبداع، بحكم التحضير اليومي والحضور المتكرر

واليومي مع نفس الوجوه ونفس المبادرة، مع ذلك حتما استفدت من تجربتي تلك، لأني عملت مع أصدقاء وأسماء ساعدوني وشجعوني. في النهاية استطعت تجاوز تلك العقبات وتوفير جوّ يساعدني على الكتابة رغم الصعوبات المذكورة آنفا.

إعادة تأهيل

● هل يحتاج المبدع إلى تأهيل كتاباته بعد مرور الزمن، وهل يمكن أن يعيد كتابة أي منها؟

- بصراحة البدايات صعبة جدا، كتاباتي لم ترقَ إلى مستوى الحلم الكبير الذي عشته، نشرت قصصا قصيرة في صحف جزائرية ورواية أولى "المشاهد العارية"، التي نشرتها بأخطائها وعيوبها الفنية والجمالية، بالتالي يؤرقني جدا موضوع نشر تلك الأعمال الأولى بتلك الأخطاء البشعة، وكثيرا ما راودتني فكرة إعادة نشرها خاصة رواية المشاهد العارية حتى أصدقائي الكتاب هناك من شجعني على ذلك، باعتبارها مسودة أولية... نعم ممكن إعادة نشرها بشكل مختلف ومقبول جدا.

● ما رأيكم في الحركة النقدية الراهنة؟

- الحركة النقدية في الوطن العربي ليست بخير، هذا رأيي الشخصي المتواضع، لم تستطع مواكبة هذا الانفجار الكبير في نشر الروايات و المجاميع القصصية والشعرية. بمعنى أصح لا تهتم كثيرا بما ينشر من الأجيال الجديدة، عن قصد أحيانا.

الإبداع الجزائري

وقال الأديب جيلالي عمران عن المشهد الأدبي الجزائري "المشهد الثقافي الجزائري يعرف انتعاشة كبيرة وزخما وتنوعا أيضا، لكن تشوبه بعض الاختلالات التي أعاقت بالفعل النهوض بالثقافة الجزائرية بتغوّل العصابات الثقافية وخلق نخب مزيفة استولت على المشهد عنوة، واستولت أيضا على المناصب والمنابر، فهذه الوضعية المريبة خلقت جوّا مكهربا الى حد ما، مع الاشارة الى بروز أسماء لامعة في الجزائر بشكل لافت، واستطاعت أن تنتشر عربيا وعالميا.

أعتقد أن الحراك الشعبي الكبير الذي نعيشه الآن بهذا الزخم والرفض لكل أساليب التسيير القديمة سيقضي آجلا أو عاجلا على تلك العصابات التي عششت في البلد سنوات طويلة. وسنعيد إلى المشهد الثقافي رونقه.

«المنافي» ترصد الأزمة السورية وأعمالي مهمومة بالوضع العربي

لو عاد بي الزمن لأعدت كتابة روايتي «المشاهد العارية»
back to top