قديم النفط وجديد الحرير

نشر في 29-04-2019
آخر تحديث 29-04-2019 | 00:29
 أحمد راشد العربيد عندما وقَّعت الكويت اتفاقيات الامتياز النفطية في 23 ديسمبر 1934، كان معنى ذلك أنها رهنت مستقبلها ومستقبل أجيالها القادمة بوجود النفط، وأنها قبلت بتقديم امتيازات مهمة لشركات أجنبية مقابل الحصول على الخبرة والتقنية الحديثة لاستكشاف النفط وإنتاجه.

بعد سنوات تم تحقيق ما كانت تصبو الكويت إليه، فقد تم العثور على النفط بكميات تجارية تمكنها من استخراجه وإنتاجه وتصديره إلى أسواق العالم النفطية بكميات غير مسبوقة.

أصبحت الكويت تملك إيرادات نفطية مستدامة، فكانت نعم الله علينا وفيرة لا تعد ولا تحصى. ولولا أن قام أولو الأمر، آنذاك، بتقديم الامتيازات للشركات الأجنبية لما تحقق للكويت هذا الخير.

لم يكن الأمر يسيرا، فنظرة سريعة على ما جاء في وثيقة الامتياز بشأن الامتيازات الممنوحة للشركات الأجنبية وحدها تكفي بالاقتناع بأن ولاة الأمر قد أفرطوا في تقديم هذه الامتيازات والتنازلات السيادية المجحفة في حق الكويت. لكن الأمر جاء خلاف ذلك، فقد ساعدت هذه الامتيازات في تسريع وتيرة الاكتشافات النفطية، وأدت إلى تصاعد حجم المخزون الاستراتيجي من النفط الخام بشكل كبير، وشملت كذلك نجاحات وأهدافا جديدة تفوق ما كان منتظرا منها، فازداد الاقتناع بصواب الرأي الذي اتخذه ولاة الأمر، وقد بلغ ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب الكويتيين، فقد أفاض الله علينا من ديمومة الرزق ورغد العيش وزوال الفقر ورفاه النعمة ما أنسانا به مغامرة سيادة الأرض.

وإليكم قرائي بعض الامتيازات التي أشرت لها:

جاء في الاتفاقية، أن للشركة الأجنبية حقا منحصرا بالبحث والتنقيب وتملك الثروة النفطية في الأراضي والجُزر والمياه الكويتية، وكل ما يتبع لها، وأن اتفاقية الامتياز لا تخضع لأي تشريع محلي.

هذه الامتيازات وغيرها ساهمت بشكل فاعل في تحقيق أهداف الدولة من جانب، وأهداف الشركات الأجنبية جنبا إلى جنب.

وفي غضون سنوات قليلة غدت الكويت دولة نفطية مرموقة في العالم أجمع، واستحقت أن يُطلق عليها الإعلام الغربي اسم «الكويت عاصمة النفط في العالم».

كان ما سبق هو قديم النفط من المعرفة التي نسعى إلى نشرها، ليبقى التاريخ النفطي الكويتي نبراسا لنا نستقي منه مستقبلنا إلى جديد الحرير. إن التجربة النفطية الكويتية الناجحة في التنمية ينبغي أن يُستفاد منها، وتتجذر قواعدها، وتستخلص منافعها، لتبقى رائدة طول الأمد، ونختزلها فيما يلي:

- التنمية هي الإضافة، وليس التكرار.

- التنمية صناعة الشعوب، لا الحكومات.

- دور الحكومات هو تعبيد الطريق إلى التنمية.

- الفرص تقتنص ولا تدوم.

- السيادة يوم لك ويوم عليك.

نحن لا نخاف على الكويت من عدم القدرة على التنمية، بل نخاف على الحرير من أن يطير.

back to top