قاعدة غذائية لم تتغيّر... تخفيف الملح

نشر في 24-04-2019
آخر تحديث 24-04-2019 | 00:00
No Image Caption
رغم صدور تقارير تتحدث عن وجود مخاطر محتملة نتيجة تراجع مستوى استهلاك الصوديوم بدرجة مفرطة، يُجمع خبراء جامعة هارفارد على أن تخفيف الملح هو الخيار الأفضل.
يجب ألا نصدق كل ما نسمعه، لا سيما إذا قيل لنا إننا لم نعد نحتاج إلى القلق بشأن الصوديوم، أي الجزء المضر من الملح عند الإفراط في استهلاكه.

في الربيع الماضي، نقلت تقارير إعلامية أنباء، صادرة عن لجنة “معهد الطب”، يصعب تصديقها ومفادها أن الملح لا يؤذي القلب بقدر ما نظن، وأن تخفيض استهلاك الصوديوم بشكل مفرط قد يؤذي الصحة.

طُلب من اللجنة معرفة مدى صحة تحسّن النتائج الطبية عند الأشخاص الذين يخفّضون استهلاك الصوديوم إلى مستويات متدنية كتلك التي توصي بها «جمعية القلب الأميركية». هل يؤدي تخفيض الصوديوم إلى أقل من 1500 ملغ يومياً إلى تراجع خطر الأمراض وإطالة الحياة؟

وجدت اللجنة دراسات قليلة قاست النتائج الصحية عند الأشخاص الذين خفضوا استهلاك الصوديوم إلى 1500 ملغ أو أقل. لكنها وجدت دراسات أوروبية حول أشخاص تلقوا علاجاً متطرفاً يحدّ من استهلاك السوائل بشكل مفرط لمعالجة قصور القلب، علماً أن ذلك العلاج لا يُستعمل في الولايات المتحدة. حين خفّض هؤلاء الناس كمية الصوديوم المستهلكة إلى مستويات متدنية جداً، تدهورت صحة قلبهم.

تقول نانسي كوك، أستاذة طب في كلية هارفارد الطبية: «بالتالي، لم نجد أي أدلة على تحسن النتائج عند الأشخاص الذين انتقلوا من مستويات منخفضة إلى مستويات شبه معدومة من الصوديوم». كوك خبيرة في التجارب العيادية في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد وكانت عضو في لجنة «معهد الطب».

تشكيك بالنتائج

عجز لجنة «معهد الطب» عن الربط بين تحسّن النتائج وتخفيض استهلاك الملح بدرجة مفرطة، لا يعني أن هذه الخطوة غير مفيدة، بل يستفيد الأشخاص الذين يحصرون استهلاك الصوديوم بمستويات منخفضة من تراجع ضغط الدم.

تقول د. كوك: «يُفترض أن يساهم تخفيض استهلاك الصوديوم إلى أدنى المستويات في تراجع ضغط الدم وتدني خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي. لكن يصعب بلوغ تلك المستويات [1500 ملغ في اليوم]. ربما سمع الناس عن ضرورة الاكتفاء بهذا المعدل، لكن يبقى عدد الأشخاص الذين يحققون هذا الهدف ضئيلاً».

أجرى د. داريوش مظفريان، أستاذ في الطب وعلم الأوبئة في كلية هارفارد الطبية، دراسة حول الرابط بين استهلاك الملح وأمراض القلب.

يوضح مظفريان: «من وجهة نظر الصحة العامة، ثمة أدلة كافية على أن تراجع استهلاك الملح هو الخيار الأفضل، لكن لا يمكن أن نقتنع بنسبة 100%».

ماذا عن الدراسات الأوروبية التي تشير إلى أن تخفيض استهلاك الصوديوم بنسبة مفرطة قد يؤذي المصابين بقصور القلب؟

ترتكز تلك الدراسات على الأشخاص الذين تلقوا علاجاً أقوى من العلاجات المستعملة في الولايات المتحدة، وقد لا تكون تلك الدراسات مهمة بالنسبة إلى غالبية الناس في الولايات المتحدة.

مع تزايد الأدلة على أن تخفيض استهلاك الملح قدر الإمكان ليس خياراً مضراً، يستهلك شعب اليانومامي في غابات الأمازون المطيرة 200 ملغ من الصوديوم يومياً فقط بالتالي يتراجع لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب.

الإفراط سائد

يستهلك الأميركي العادي حوالى 3500 ملغ من الصوديوم يومياً. توصي «جمعية القلب الأميركية» باستهلاك كمية أقل بكثير (حتى بلوغ مستوى «منخفض جداً» يقتصر على 1500 ملغ يومياً). تنصح التوجيهات الأميركية الرسمية أكثر من نصف السكان باستهلاك المعدل نفسه، وتشمل تلك الفئات من هم فوق عمر الواحد والخمسين، والأميركيين من أصل إفريقي، والمصابين بالسكري وأمراض الكلى أو بعض الحالات المزمنة الأخرى. كذلك، يوصى الأشخاص كافة بتخفيض استهلاك الصوديوم إلى مستوى 2300 ملغ في اليوم.

لكن يستهلك 1% من الأميركيين فقط 1500 ملغ من الصوديوم يومياً، بينما يستهلك 9% منهم فقط أقل من 2300 ملغ يومياً بحسب د. كوك.

طُلب من لجنة «معهد الطب» تقييم الأدلة المبنية على تلك النتائج لتخفيض استهلاك الصوديوم من 2300 ملغ إلى 1500 ملغ يومياً.

يقول د. مظفريان: «لم تذكر المعلومات مطلقاً أن الانتقال من 3500 ملغ من الصوديوم يومياً، أي المعدل الراهن، إلى 2300 ملغ هو الخيار الأفضل».

توضح د. كوك: «يبقى مستوى استهلاك الصوديوم مرتفعاً في الولايات المتحدة، ومن الواضح أن تخفيف الصوديوم يساهم في تخفيض خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي».

back to top