«الجنايات»: مطالبة الضابط بالتحريات لا تعطيه حق القبض على الأشخاص

أكدت أنه يكون إما بجريمة مشهودة أو إذن نيابة

نشر في 23-04-2019
آخر تحديث 23-04-2019 | 00:00
No Image Caption
قضت محكمة الجنايات برئاسة المستشار أحمد الياسين وعضوية القاضيين أكرم الطويل وأحمد الصدى ببراءة ثلاثة متهمين بعدما انتهت إلى بطلان إجراءات القبض التي تمت بحقهم من قبل رجال المباحث، الذين قدموا تحريات إلى النيابة دون بيان تحديد المتهم بها.

وقالت الجنايات، في حيثيات حكمها، والتي أيدتها بذلك محكمة الاستئناف الجزائية برئاسة المستشار عبدالرحمن الدارمي، وعضوية المستشارين حسن الشمري وعاصم الغايش، إن المحكمة تشير تمهيداً لقضائها إلى أن من المقرر بنص المادة 39 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن (الشرطة هي الجهة الإدارية المكلفة حفظ النظام ومن الجرائم. وتتولى إلى جانب ذلك، وطبقاً لهذا القانون، المهمات الآتية:

أولاً- إجراء التحريات اللازمة للكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها وجمع كل ما يتعلق بها من معلومات لازمة.

ثانياً- تنفيذ أوامر سلطات التحقيق والمحاكمة في كل ما يتعلق بالتحقيقات والمحاكمات.

ثالثاً- تولي من ثبت له من رجال الشرطة صفة المحقق للتحقيق في الأحوال التي ينص فيها القانون على ذلك وبنص المادة 45-1 من ذات القانون أنه «لرجال الشرطة عند قيامهم بالتحريات، أن يستعملوا وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم. وليس لأحد مباشرة إجراءات التحقيق إلا إذا كانت له صفة المحقق بموجب القانون» وبنص المادة 46 من ذات القانون أن «محاضر التحري التي يحررها رجال الشرطة يجب عرضها على النيابة العامة أو محققي وزارة الشرطة بحسب الأحوال للتصرف فيها ومباشرتها، وعلى هؤلاء التأكد من استيفائها، ولا يكون لهذه المحاضر حجية في الإثبات أمام القضاء»،

وأضافت أنه بنص المادة 1-151 من ذات القانون فإن «المحكمة تعتمد في اقتناعها على الأدلة المستمدة من التحقيق الذي أجرته في القضية أو من التحقيقات السابقة على المحاكمة، ولها الحرية المطلقة في ترجيح دليل على دليل وتكوين اقتناعها حسبما يوحيه إليه ضميرها».

وبينت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المجني عليه تقدم ببلاغ إلى مخفر شرطة القيروان بتعرضه لسرقة مبلغ نقدي ونظارة مملوكين له من داخل مركبه عن طريق تحطيم حرز (بكسر زجاجها) فتم تسجيل بلاغ له بذلك وأحيل إلى النيابة العامة التي باشرت التحقيق معه بسؤاله عن الواقعة وظروف ارتكابها وبعد ذلك أصدر وكيل النيابة قراره بطلب تحريات الشرطة عن الواقعة، فأرسلت الشرطة تحرياتها إلى النيابة، والتي انتهت فيها إلى عدم التوصل إلى شيء يفيد التحقيق، فأصدر وكيل النيابة قراره بحفظ التحقيق مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل مع تكليف الشرطة بموالاة البحث والتحري عنه، ثم أعيد فتح التحقيق بناء على تحريات الشرطة التي أورد فيها شاهد الاثبات الثاني تحرياته والتي على أثرها قام بإلقاء القبض على المتهمين الأول والثالث وعرضهما على النيابة العامة التي باشرت استجوابهما وإحالتهما والمتهم الثاني المتواري عن الأنظار إلى المحاكمة الجزائية.

وبينت المحكمة أنه ولما كان المجني عليه على نحو ما سلف بيانه لم يتهم معلوماً بارتكاب الواقعة، وكان الأمر الذي أصدره وكيل النيابة بعد سؤال المجني عليه لرجال الشرطة كان مقتصراً على إجراء التحريات (وهي وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم) عن الواقعة توصلاً إلى معرفة مرتكبها وجمع كل ما يتعلق بها من معلومات لازمة وهو أمر لا يتضمن قبضاً على أحد معلوم لأن الفاعل بالأصل مجهول، ومن ثم كان يتعين على القائم بالتحريات ان يعرض محضر تحرياته على وكيل النيابة للتصرف فيه حسب تقديره لما جاء به، أما وأن ضابط الواقعة قد تجاوز الإجراءات التي نظمها القانون بإلقاء القبض على المتهمين الأول والثالث دون أمر من سلطة التحقيق أو ارتكابهما جريمة مشهودة حسبما عرفها المشرع بقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، ومن ثم يكون إجراؤه باطلاً وما ترتب عليه من إجراءات وإذ خلت الأوراق من دليل على صحة إسناد الاتهام للمتهمين فإن المحكمة تقضي والحال كذلك ببراءتهم مما اسند إليهم عملاً بنص المادة 1/172 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.

back to top