حسن الربيح: أوقظ الطفل الذي بداخلي أثناء الكتابة

نال جائزة الدولة لأدب الطفل في قطر عن مجموعته «اسمه أحمد» عام 2015

نشر في 22-04-2019
آخر تحديث 22-04-2019 | 00:11
الشاعر حسن الربيح
الشاعر حسن الربيح
حين يبدأ الكتابة للصغار يغوص الشاعر السعودي حسن الربيح، في عالم من الخيال الجميل، ويوقظ الطفل الذي في داخله، ويعيش أسئلته وأحلامه وخيالاته، ومنها يصطاد فكرة تخرج في شكل نص بديع برؤية ملامحها عربية.
"الجريدة" التقت الربيح حائز جائزة الدولة لأدب الطفل في دولة قطر عام 2015، وناقشته في تجربته والقضايا المتعلقة بالكتابة للأطفال... وإلى نص الحوار:

● ما منطلقاتك العامة في الكتابة، ولماذا ركزت إبداعك في الشعر الموجه للطفل؟

- الفكرة أوّلًا؛ فحين يلتمع برقها تبدأ الكلمات بالهطول، ثمَّ تتشكَّل حديقةٌ صغيرة، أو عشبةٌ طريَّةٌ أسميها فيما بعدُ القصيدة.

أمَّا عن تخصيص جزء من أشعاري للطفل، فقد كان التركيز في مساحةٍ شبه مهجورة في الكتابة للطفل، فغالبًا ما نقرأ تسطيحًا مما يكتب للطفل، لذا دخلت مغامرة أن أتعامل معه وكأنّه يشاركك القصيدة بالتأمل والاستنتاج، فرافقت أسئلته السَّهلة الممتنعة، وما دام لديه أسئلة فهو يفكِّر ويستنتج ويحلِّل في حدود معرفته، لذا ينبغي في التعامل مع الطفل أن نترك له مساحة للتفكير بدلًا من التَّلقين المحض.

● هل ترى أن هناك تقصيرًا من جانب الشعراء العرب في تقديم قصائد تناسب الصغار؟

- الشعراء العرب في العصر الحديث قدّموا الكثير من القصائد، لكن يبقى الأمر مستمرًّا، فثمَّة تغيُّرات تؤثر على الطفل، فـ (طفل) أحمد شوقي يختلف عن (طفل) سليمان العيسى، وهو بالتأكيد يختلف عن (طفلنا) في الوقت الراهن، فلكل عصرٍ ظروفه وانشغالاته وأشياؤه المادية من لعب وتقنيات متطورة.

● إلى أي مدى استفدت من دراستك للشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية في توظيف ما درسته في مجموعتك الشعرية ذات الطابع الديني "اسمه أحمد"؟

- لم تكن دراستي الجامعية مؤثرة إلى ذلك الحدِّ، إذ ثمة مؤثرات أظنها أعمق، فنشأتي في بيئة ذات طابع ديني لها الأثر الأكبر، إضافة إلى امتزاجي بالأهازيج والأناشيد منذ الصغر في مناسبات دينية واجتماعية.

● نلت جائزة الدولة لأدب الطفل بقطر في دورتها السادسة عن هذه المجموعة.. حدثنا عن أجواء ترشحك للجائزة وكيف تكون الجوائز حافزاً لمواصلة الإبداع؟

- لا شك في أن جائزة الدَّولة مهمَّة جدًّا، وهي محل أنظار المبدعين العرب في شتَّى مجالات أدب الطفل، والوصول إليها يعني لي الكثير في تجربة الكتابة، إضافة إلى القيمة المادية التي تعدُّ حافزًا مهمًّا في التشجيع وإذكاء شعلة المنافسة من أجل إثراء مكتبة الطفل.

اجتهدتُ كثيرًا في الاشتغال على العمل قبل إرساله، وكانت نسبة التوقع عالية، لأنَّني حاولتُ أن أرسم منهجًا في السيرة النبوية بأن أبتعد عن الجانب التاريخي، وأركِّز على قيم الإسلام الفاضلة، وتوصيلها للطفل عن طريق السيرة النبوية.

● تقيم دورات تدريبية في علم العروض والأوزان الشعرية.. هل تقتصر هذه الدورات على تعليم الصغار فقط، وكيف تجد ردود فعل المتعلمين ومدى تجاوبهم؟

- كنتُ أقيم هذه الدورات بشكل شخصي في الغالب لفئة من الشباب في المرحلة الثانوية والجامعية، وكان الإقبال حينها محمِّسًا لإقامتها أكثر من مرة لفئة أخرى، خاصة أن الدورات غير خاضعة لرسوم أو اشتراك، وكان التجاوب ملموسًا، لأنني رأيت من الشباب الجديَّةَ في تعلُّم العروض، هذا الذي تتشابك قواعده وتتعقد تنظيراته، هذه الدورات أفادت تجربتي كثيرًا في الاطلاع بشكل مفصَّل على علم العروض والقوافي، وإمكان اللعب في ميدان الإيقاع الواسع في الكتابة للطفل.

أتصور أنَّه لا يمكن تعليم العروض للصغار في مرحلة مبكرة، لكن من الممكن أن نجرب معهم النغم والإيقاع الصوتي من سن العاشرة.

● في زمن الإنترنت وارتباط الأطفال به كيف ترى تأثير الأغاني الغربية المخصصة للصغار على أطفالنا العرب؟

- الأجهزة المرتبطة بالإنترنت لها جاذبية أكبر بالنسبة لطفل اليوم، والسبب أن هذه الأجهزة تتفاعل معه بانسيابية في التنقل من مقطع إلى آخر، وتطيعه طاعة عمياء، فهو يختار ولا يختار، وهذا أمر بالغ الخطورة حينما نترك الأجهزة للأطفال بلا تقنين، ولا توجيه.

قد يختلف الأمر من بيئة إلى بيئة ومن أسرة إلى أسرة، لكن تأثير الأغنية كبير جدًّا لما تحويه من إيقاعات جاذبة ونغم راقص، سواء الأغنية الغربية أو العربية بشتَّى لهجاتها، فالطفل يأسره الإيقاع أوَّلًا ثمَّ الجملة الصَّغيرة المنغَّمة.

● بماذا تطالب وزارات التعليم في العالم العربي لتطوير مناهج الأدب الموجهة للمراحل التعليمية الأولية؟

- لا شك في أن هناك اشتغالًا مستمرًّا من وزارات التعليم، لكن هذا لا يكفي إذا لم يكن معه تضافر جهات أخرى بالتنسيق، فمثلًا لا ينفع أن تقدِّم المناهج التربوية مادة (متعوبًا عليها) للطفل، وفي الوقت ذاته يتجاهل التلفزيون أو الإعلام عمومًا أدب الطفل، وربما يقدم مادة هزيلة.

● تكتب أيضًا للكبار لكن ما الذي تحرص عليه حين تشرع في الكتابة للمراحل العمرية الصغيرة؟

- أحاول أن يكون الطِّفل الذي في داخلي متيقظًا؛ أن أعيش أسئلته وأحلامه وخيالاته ومنها اصطاد فكرة، ثم أشرع في إيقاعات قصيرة وقوافٍ متعددة، بطريقة حوار أو قصة أو أسئلة متلاحقة، وإثارة مخيلة الطِّفل من الأمور التي أحرص عليها أيضًا.

● ماذا في جعبتك الإبداعية وربما يخرج إلى النور قريبًا؟

- في الأدراج أكثر من مجموعة شعرية موجهة للطفل منها: "فراشات اللون"، "الأشياء تقول حكمتها"، "العصفورة تتكلَّم"، "أنا موهوب"، و"السفر مع الحاسوب"، وغيرها، إضافة إلى اشتغالي على قصص ونصوص مسرحيَّة، لكنها تحتاج إلى وقت وتفرّغ لإكمالها.

أكتب للطفل في مساحة شبه مهجورة ويجب أن نتيح له التفكير لا التَّلقين

الطفل يأسره الإيقاع ولا يمكن تعليم العروض للصغار في مرحلة مبكرة
back to top