السودان: تغييرات دبلوماسية وعسكرية وتوتّر في «الاعتصام»

ضغوط على المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية... وأنقرة و«الجامعة» ترحّبان بإجراءاته
● مهلة إفريقية للعسكر: سلموا السلطة

نشر في 16-04-2019
آخر تحديث 16-04-2019 | 00:05
سودانيون يفتّشون متظاهرين جدداً حضروا للمشاركة في الاعتصام أمام مقر القيادة العامة بالخرطوم أمس (رويترز)
سودانيون يفتّشون متظاهرين جدداً حضروا للمشاركة في الاعتصام أمام مقر القيادة العامة بالخرطوم أمس (رويترز)
واجه قادة المجلس العسكري الانتقالي في السودان ضغوطاً كثيفة من المحتجين ومن حكومات غربية لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، في حين لا يزال آلاف المتظاهرين معتصمين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم لليوم العاشر على التوالي.
بعد ساعات من إعلان المجلس العسكري الانتقالي في السودان، عن حزمة قرارات أبرزها إعادة تشكيل رئاسة الأركان المشتركة للجيش، وترفيع عدد من الضباط، فضلا عن تغييرات في عدد من الدبلوماسيين، شهد مقر القيادة العامة للأركان وسط الخرطوم، حيث يقبع آلاف السودانيين منذ 10 أيام، توترا بين الأمن والمعتصمين صباح أمس، بعد أن عمد بعض العناصر الأمنية إلى إزالة المتاريس الموضوعة في المكان.

ودفع هذا التحرك المعارضة إلى الاستنفار، فأعلن "تجمع المهنيين السودانيين"، في خبر عاجل على حسابه على "تويتر"، أن "هناك محاولة لفض الاعتصام أمام القيادة العامة للأركان، وإزالة جميع المتاريس". ودعا المواطنين إلى "التوجه فوراً إلى ساحات الاعتصام لحماية ثورتكم ومكتسباتكم".

وأفاد شهود عيان، بأن جنوداً شوهدوا وهم يزيلون متاريس أقامها المتظاهرون كتدابير أمنية.

وقالوا إن الجيش رفع لافتة على أحد جدران مقره تواجه المحتجين، كتب عليها "أخي المواطن، أختي المواطنة، لا تقترب أكثر، لقد كنتم ضيوفنا وتحت حمايتنا، لكن قانون الطوارئ يحكم الجميع".

ولاحقاً أعلن المجلس أنه يجدد دعوته للمتظاهرين بفض الاعتصام وإعادة الحياة الى طبيعتها.

وتجمعت قوة عسكرية من الجيش تتكون من أكثر 20 سيارة عسكرية ومدرعة عند ثلاثة جوانب للاعتصام، وتستعد جرارات لإبعاد حواجز من الحجارة والمعادن، لكن المحتجين شكلوا حلقات حول منطقة الاعتصام لمنعهم.

بيان الجيش

وفي وقت سابق، أصدرت قوات الدعم السريع في الجيش بياناً عاجلاً أعلن فيه قيامه "بحملة نظافة قرب ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة". وأوضح البيان متوجّهاً الى المعتصمين: "في إطار تكامل الأدوار بين المجتمع وقواتكم المختلفة، تقوم قوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى بحملة نظافة للشوارع أمام القيادة العامة، ونُعلمكم أن مهمة قواتكم الحفاظ على سلامتكم، وقد شهدت هذه المنطقة في الأيام الماضية اشتباكات لربما خلّفت وراءها أجساما غريبة يصعب على المدنيين التعامل معها".

وأضاف البيان: "تأتي مهمة قواتكم في تهيئة البيئة التي تضمن سلامتكم، ونتقدم بالشكر لكل من ساهم في حملة النظافة من كل فئات المحتجين الموجودين بمكان الاعتصام، ونلفت انتباهكم لإبلاغنا عن وجود أي جسم غريب".

وفي ظل تطورات الأحداث المتسارعة، اتخذ المجلس الانتقالي جملة إجراءات تهدف لإحكام سيطرته على المؤسسة العسكرية، وإعادة ترتيب المشهد، لاسيما الأمني في البلاد.

وفي هذا السياق، أصدر رئيس المجلس عبدالفتاح البرهان،أمس، قرارات بإعادة تشكيل رئاسة الأركان المشتركة للجيش، وترفيع عدد من الضباط إلى رتبة فريق أول.

وتأتي هذه القرارات عقب إعفاء وزير الدفاع عوض بن عوف، ورئيس الأركان، كمال عبدالمعروف من الخدمة العسكرية وإحالتهما للتقاعد.

وأوضح بيان صادر عن الناطق باسم الجيش، اللواء أحمد الشامي، أنه تم تعيين الفريق أول هاشم عبدالمطلب بابكر رئيسا للأركان المشتركة، والفريق أول محمد عثمان الحسين نائبا له. والفريق أول بحري عبدالله المطري الفرضي مفتشا عاما للقوات المسلحة، والفريق آدم هارون إدريس رئيسا لهيئة العمليات المشتركة.

كما تم تعيين الفريق مجدي إبراهيم عثمان، رئيسا لأركان القوات البرية، والفريق طيار محمد علي محمد، رئيسا لأركان القوات الجوية، والفريق بحري مجدي سيد عمر رئيسا لأركان القوات البحرية، واللواء حذيفة عبدالملك الشيخ، رئيسا لهيئة الاستخبارات العسكرية بالإنابة.

وأشار البيان إلى ترقية الفريق طيار صلاح عبدالخالق، والفريق محمد عثمان الحسين، والفريق جمال عمر محمد، والفريق بحري عبدالله المطري إلى رتبة الفريق أول.

والأحد أصدر المجلس مرسوما دستوريا بتعيين كل من عبدالفتاح البرهان رئيسا له، ومحمد حمدان دقلو، المكنّى بـ "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع، نائبا لرئيس المجلس.

وتم كذلك تعيين الفريق أبوبكر مصطفى رئيسا لجهاز المخابرات والأمن الوطني.

حزمة قرارات

من ناحية أخرى، كشف الناطق باسم المجلس العسكري، الفريق شمس الدين كباشي، عن حزمة قرارات اتخذها المجلس بينها "مصادرة دور حزب المؤتمر الوطني الحاكم السابق، ومواصلة عمليات اعتقال رموزه، وكل من ثبت تورطه في فساد وتقديمهم الى المحاكمة، على أن تنشر لائحة بالأسماء لاحقاً".

وقال: "من ضمن القرارات إعادة النظر في قانون النظام العام وإطلاق جميع المعتقلين من ضباط الجيش والأمن الذين شاركوا في التظاهرات". وأكد "إعادة النظر في البعثات الدبلوماسية"، وأعلن إعفاء محمد عطا المولى، القائم بالأعمال لدى واشنطن، وهو رئيس سابق لجهاز المخابرات والأمن الواسع النفوذ في البلاد، وإعفاء سفير السودان بمجلس حقوق الإنسان الدولي مصطفى عثمان إسماعيل من منصبيهما.

الاتحاد الأوروبي

في غضون ذلك، أعلن سفير الاتحاد الأوروبي لدى السودان جان ميشال دوموند، بعد لقائه، أمس نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق حميدتي في القصر الجمهوري، "أن الاتحاد ملتزم بتقديم كل ما هو مطلوب لإنجاح الفترة الانتقالية في السودان". واعتبر أن "الخطوات التي اتخذها المجلس بإطلاقه جميع المعتقلين السياسيين ورفع حظر التجول، والبدء فى إصلاح جهاز الأمن والمخابرات تعد خطوات مهمة في بناء الثقة بين الأطراف".

الترويكا

وفي ردود الفعل، حضّت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج المجلس العسكري وأحزابا أخرى على إجراء محادثات لنقل السلطة إلى حكم مدني.

وفي بيان مشترك أصدرته سفاراتها، حذرت تلك الدول من مغبة استخدام العنف لفض التظاهرات، لافتة الى أن "التغيير الشرعي" الذي طالب به الشعب السوداني لم يحصل بعد. وأضافت أن "الوقت حان للمجلس العسكري الانتقالي وجميع الأطراف الأخرى للدخول في حوار شامل لإحداث انتقال منظّم إلى حكم مدني يقود إلى انتخابات في إطار زمني معقول".

بدورها، رحبت وزارة الخارجية التركية، بتعهد المجلس العسكري نقل الحكم الى سلطة مدنية بمشاركة جميع شرائح المجتمع. وأعربت عن أملها في الانتهاء من نقل السلطة في وقت سريع والمحافظة على الأمن والنظام العام في السودان.

الجامعة ومنظمة التعاون

وأيدت جامعة الدول العربية، أمس الأول، "الخطوات المهمة التي أعلنها الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان بشأن تحقيق الانتقال السياسي".

وأعلنت "تأييدها للجهود التي يبذلها المجلس، والقوى السياسية والمدنية السودانية، للتوصل إلى وفاق وطني يحقق رغبات وآمال الشعب السوداني".

كما أكدت "منظمة التعاون الإسلامي" تأييدها لخيارات الشعب، وما يقرره حيال مستقبله، ورحبت بما اتخذ من قرارات وإجراءات تراعي مصلحة الشعب وتحافظ على مؤسسات الدولة.

مهلة إفريقية للعسكر: سلموا السلطة

أمهل مجلس السلم والأمن الإفريقي المجلس العسكري الانتقالي في السودان 15 يوما لتسليم السلطة للمدنيين.

ودعا المجلس، في بيان، بعد اجتماعه في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا)، إلى فتح الأجواء السياسية، معربا عن قلقه العميق لسيطرة الجيش على السلطة، وتأثير ذلك على الوضع الإقليمي والقاري. وندد بتعطيل الدستور، وحل البرلمان، وتأسيس سلطة الجيش التي وصفها بغير الشرعية، رافضا قرار الجيش لقيادة المرحلة الانتقالية، كما دعا إلى تسليم السلطة لقيادة مدنية ليس لها علاقة بالجيش.

ويتوقع ان يجمد الاتحاد الإفريقي عضوية السودان إلى حين خروج العسكر من السلطة وتسليمها لحكومة مدنية انتقالية.

من جانبه، دافع عضو المجلس العسكري الانتقالي جلال الدين الشيخ الطيب عن الخطوات التي اتخذها المجلس العسكري الحاكم بالسودان، ورفض تسميتها بالانقلاب.

back to top