سأشكو لك يا وطن عن وطني

نشر في 12-04-2019
آخر تحديث 12-04-2019 | 00:09
 غازي لطيف تجسد بروح العطاء والسخاء والوفاء للأرض التي ولد فيها وعاش في حسرة وقلق واغتراب عن وطنه، وانسلخ من كینونة المجتمع بأفكاره لیعیش بقیة حیاته، ناصر المغترب، ناصر الوطني، كأنه أخذ من اسمه نصیبا لینصر قضیته ويرفع لواءها حتى لو كان على حساب نفسه، بالاغتراب والبعد عن الوطن وترك وظیفته، منذ ولادته.

فهو ناصر المهندس، والجندي، والروائي، وعندما جبره الزمن على الاختیار بينها اختار أن ینتصر لنفسه وأمته الكویت، ولم یختر مال الجندي الوفیر في بلد نفطي، ولم یختر المكانة الاجتماعیة باسم المهندس، بل اختار ناصر الروائي لینتصر لقضیته التي لا ناصر لها تحت سلطة الجهاز المركزي.

لم یذكر وطنه بسوء بل جعل منه انتماء وولاء وهویة، قابله بالوفاء لا العنصریة، فهو صاحب المقولة الشهيرة عندما عرف الجحیم: "الكویت أحببتها ولم أتزوجها، وكندا أحبتني وتزوجتها، أحب الكویت أكثر من كندا، وتحبني كندا أكثر من الكویت! هذا تعریفي للجحیم".

الروائي العربي الشهير ناصر الظفيري قال سأجاهد حتى آخر یوم في حیاتي لتبقى أعمالي كویتیة خالصة، لم يكن یبحث لنفسه الوطنیة في الثبوتيات فقط بل في أعماله أيضاً، شخص یتنفس الوطن ويرغب الارتقاء به، لا ینتظر أن یرتقي الوطن به، دائماً كان یردد حين يسأله الإعلام: "أنا ما عندي جنسیة ولكن عندي وطن".

وعندما استوطن المرض جسده استقبله بابتسامة وعزیمة كأنه وطن في هيئة إنسان لیمنحه روحه بكل هدوء، ومن ثم رحل، فافتقدنا أدیباً وكاتباً جمیلاً أعطانا وعلمنا أن الوطن والوطنیة ليسا بالأوراق، وهو الذي ملأ الأدب أوراقاً باسم الوطن ونفد حبره بالوطنیة، فشكراً لكندا التي أعطته نصفه الآخر لیعیش بسلام، وشكراً للأدب الذ احتضن نصفه الآخر، لیخرج لنا ناصر الظفیري كل ما نسیناه.

نقطة آخر السطر:

توفي ناصر في صراع مع المرض ودفن بعیداً عن وطنه وأهله وأصدقائه وترك لنا إرثاً ثقافياً ووطنياً، فانتشرت صور دفنه تحت الثلج لا تحت رمال الصحراء، وفي الغربة لا في وطنه، في أوتاوا لا في الجهراء.

back to top